للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ - نَصَّ عَلَى هَذَا الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَوْ بَاعَ كَذَلِكَ وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ فِي ثَمَرِ الآْخَرِ.

٨٣ - أَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ الْمَقَاثِئَ بِالثَّمَرِ، فِي الاِكْتِفَاءِ بِبُدُوِّ بَعْضِهَا، لِجَوَازِ بَيْعِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكْبُرَ وَتَطِيبُ لِلأَْكْل، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخْتَصٌّ بِهِمَا، فَأَمَّا الزَّرْعُ فَلاَ يَكْفِي فِي حِل بَيْعِهِ يُبْسُ بَعْضِهِ، بَل لاَ بُدَّ مِنْ يُبْسِ جَمِيعِ حَبِّهِ، وَذَلِكَ:

- لأَِنَّ حَاجَةَ النَّاسِ لأَِكْل الثِّمَارِ رَطْبَةً لِلتَّفَكُّهِ بِهَا أَكْثَرُ.

- وَلأَِنَّ الثَّمَرَ إِذَا بَدَا صَلاَحُ بَعْضِهِ، يَتْبَعُهُ الْبَاقِي سَرِيعًا غَالِبًا، وَمِثْلُهُ نَحْوُ الْقِثَّاءِ، بِخِلاَفِ الزَّرْعِ، وَلَيْسَتِ الْحُبُوبُ كَذَلِكَ، لأَِنَّهَا لِلْقُوتِ لاَ لِلتَّفَكُّهِ (١) .

وَبَقِيَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الأَْصْل، وَهُوَ الاِكْتِفَاءُ فِي الْحَبِّ بِبُدُوِّ صَلاَحِ بَعْضِهِ وَإِنْ قَل، بَل صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ بِالاِكْتِفَاءِ بِاشْتِدَادِ بَعْضِ الْحَبِّ، وَلَوْ سُنْبُلَةً وَاحِدَةً، وَوَجْهُهُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْنَا بِطِيبِ الثِّمَارِ عَلَى التَّدْرِيجِ، إِطَالَةً لِزَمَنِ التَّفَكُّهِ، فَلَوْ شَرَطَ طِيبَ جَمِيعِهِ، لأََدَّى إِلَى أَنْ لاَ يُبَاعَ شَيْءٌ؛ لأَِنَّ السَّابِقَ قَدْ يَتْلَفُ، أَوْ تُبَاعُ الْحَبَّةُ، بَعْدَ الْحَبَّةِ، وَفِي كُلٍّ حَرَجٌ شَدِيدٌ (٢) .


(١) شرح الخرشي ٥ / ١٨٥، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ١٧٧
(٢) تحفة المحتاج ٤ / ٤٦٤، وحاشية الجمل على شرح المنهج ٣ / ٢٠٤. وانظر أيضا في التعليل حاشية عميرة على شرح المحلي ٢ / ٢٣٦، وكشاف القناع ٣ / ٢٨٧