للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوَاعِدَ تُتْرَكُ بِالتَّعَامُل، كَمَا فِي الاِسْتِصْنَاعِ. (١)

٣ - وَذَهَبَ أَبُو شُجَاعٍ وَعَلِيٌّ السُّغْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَاتُرِيدِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى: أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ رَهْنٌ وَلَيْسَ بِبَيْعٍ، فَيَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الرَّهْنِ فَلاَ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَلاَ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَتُهُ، كَالرَّاهِنِ إِذَا اسْتَأْجَرَ الْمَرْهُونَ مِنَ الْمُرْتَهِنِ، وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلاَكِهِ وَلاَ يَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ.

وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي، لاَ لِلأَْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي. وَلِهَذَا كَانَتِ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَيْعًا، وَكَانَتِ الْكَفَالَةُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الأَْصِيل حَوَالَةً، وَأَمْثَال ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْفِقْهِ.

وَهَذَا الْبَيْعُ لَمَّا شُرِطَ فِيهِ أَخْذُ الْمَبِيعِ عِنْدَ رَدِّ الثَّمَنِ كَانَ رَهْنًا، لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ عِنْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ. (٢)

٤ - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ قَوْلاَنِ:

الأَْوَّل: أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ مُفِيدٌ لِبَعْضِ أَحْكَامِهِ مِنْ حِل الاِنْتِفَاعِ بِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ، قَال الزَّيْلَعِيُّ فِي الإِْكْرَاهِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

الثَّانِي: الْقَوْل الْجَامِعُ لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ: أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي حَقِّ بَعْضِ الأَْحْكَامِ حَتَّى مَلَكَ كُلٌّ


(١) تبيين الحقائق للزيلعي ٥ / ١٨٤، والبحر الرائق ٦ / ٨، والفتاوى الهندية ٣ / ٢٠٨ - ٢٠٩، وابن عابدين ٤ / ٢٤٦ - ٢٤٧، ومغني المحتاج ٢ / ٣١، ونهاية المحتاج ٣ / ٤٣٣، وبغية المسترشدين ص ١٣٣، والإقناع ٣ / ٥٨.
(٢) تبيين الحقائق ٥ / ١٨٣، والبزازية بهامش الهندية ٤ / ٤٠٥.