للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آخَرُ فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ مُفَرِّطًا فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ مَعَ الْفِدْيَةِ، وَهِيَ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُل يَوْمٍ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ، ثُمَّ صَحَّ فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ: يَصُومُ الَّذِي أَدْرَكَهُ، ثُمَّ يَصُومُ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ وَيُطْعِمُ عَنْ كُل يَوْمٍ مِسْكِينًا (١) وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَطْعِمْ عَنْ كُل يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلَمْ يَرِدْ خِلاَفٌ فِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ.

ثُمَّ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْفِدْيَةَ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ؛ لأَِنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لاَ تَتَدَاخَل، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لاَ تَتَكَرَّرُ كَالْحُدُودِ. وَمَحَل الْخِلاَفِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَخْرَجَ الْفِدْيَةَ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا ثُمَّ لَمْ يَقْضِ حَتَّى دَخَل رَمَضَانُ آخَرُ وَجَبَتْ ثَانِيًا. (٢)

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ حَتَّى هَل عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ، فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَلاَ فِدْيَةَ، وَاسْتَدَلُّوا بِإِطْلاَقِ قَوْله تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٣) مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ. وَقَالُوا: إِنَّ


(١) حديث: " يصوم الذي أدركه. . . " أخرجه الدارقطني (٢ / ١٩٧ - ط شركة الطباعة الفنية) وأعله براويين ضعيفين في إسناده.
(٢) الحطاب ٢ / ٤٥٠، والدسوقي ١ / ٥٣٧، ومغني المحتاج ١ / ٤٤١، وكشاف القناع ٢ / ٣٣٤، والمغني ٣ / ١٤٥.
(٣) سورة البقرة / ١٨٤.