للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٨ - هـ - اتَّفَقَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ تَحْكِيمَ الْعَقْل وَالرَّأْيِ بِلاَ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ بَاطِلٌ، إِذْ لَيْسَ الصَّلاَحُ بِتَحْرِيمِهِ، وَإِنَّمَا الصَّلاَحُ وَالدِّينُ الْمُحَافَظَةُ بِالاِتِّبَاعِ لِلأَْحْكَامِ الْوَارِدَةِ بِلاَ تَغْيِيرٍ وَلاَ تَبْدِيلٍ، وَهَل الطَّعْنُ فِي أَكْثَرِ النَّاسِ مِنْ أَهْل الإِْيمَانِ وَالدِّينِ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِالْفِسْقِ وَالطُّغْيَانِ بِسَبَبِ شُرْبِهِمُ الدُّخَّانَ، وَفِي الْعَامَّةِ مِنْ هَذِهِ الأُْمَّةِ فَضْلاً عَنِ الْخَاصَّةِ، (١) صَلاَحٌ أَمْ فَسَادٌ؟

١٩ - وَ - حَرَّرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ تَقْلِيدُ مَنْ أَفْتَى بِحُرْمَةِ شُرْبِ الدُّخَّانِ؛ لأَِنَّ فَتْوَاهُمْ إِنْ كَانَتْ عَنِ اجْتِهَادٍ فَاجْتِهَادُهُمْ لَيْسَ بِثَابِتٍ، لِعَدَمِ تَوَافُرِ شُرُوطِ الاِجْتِهَادِ، وَإِنْ كَانَتْ عَنْ تَقْلِيدٍ لِمُجْتَهِدٍ آخَرَ، فَلَيْسَ بِثَابِتٍ كَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَمْ يُنْقَل مَا يَدُل عَلَى ذَلِكَ، فَكَيْفَ سَاغَ لَهُمُ الْفَتْوَى وَكَيْفَ يَجِبُ تَقْلِيدُهُمْ؟

ثُمَّ قَال: وَالْحَقُّ فِي إِفْتَاءِ التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيمِ فِي هَذَا الزَّمَانِ التَّمَسُّكُ بِالأَْصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْبَيْضَاوِيُّ فِي الأُْصُول، وَوَصَفَهُمَا بِأَنَّهُمَا نَافِعَانِ فِي الشَّرْعِ.

الأَْوَّل: أَنَّ الأَْصْل فِي الْمَنَافِعِ: الإِْبَاحَةُ، وَالآْيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

الثَّانِي: أَنَّ الأَْصْل فِي الْمَضَارِّ: التَّحْرِيمُ وَالْمَنْعُ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ (٢) .


(١) مطالب أولي النهى ٦ / ٢١٨.
(٢) حديث: " لا ضرر ولا ضرار. . " أخرجه ابن ماجه (٢ / ٧٨٤ - ط الحلبي) وقال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم (ص ٢٨٦ - ط الحلبي) : له طرق يقوي بعضها بعضا.