للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَرَابٍ وَيُوقِدُونَ فِي أَخْصَاصٍ فَقَال: نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْمُعَاقَرَةِ فَعَاقَرْتُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الإِْيقَادِ فِي الأَْخْصَاصِ فَأَوْقَدْتُمْ. فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنِ التَّجَسُّسِ فَتَجَسَّسْتَ، وَعَنِ الدُّخُول بِغَيْرِ إِذْنٍ فَدَخَلْتَ. فَقَال: هَاتَانِ بِهَاتَيْنِ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ.

وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ فِيمَا سُتِرَ مِنَ الْمُنْكَرِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ هَل يُنْكَرُ؟ فَرَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ اللَّهِ فِي الْمُنْكَرِ يَكُونُ مُغَطًّى، مِثْل طُنْبُورٍ وَمُسْكِرٍ وَأَمْثَالِهِ فَقَال: إِذَا كَانَ مُغَطًّى لاَ يُكْسَرُ. وَنُقِل عَنْهُ أَنَّهُ يُكْسَرُ.

فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَاتَ الْمَلاَهِي الْمُنْكَرَةِ مِنْ دَارٍ تَظَاهَرَ أَهْلُهَا بِأَصْوَاتِهِمْ أَنْكَرَهُ خَارِجَ الدَّارِ، وَلَمْ يَهْجُمْ بِالدُّخُول عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَمَّا سِوَاهُ مِنَ الْبَاطِنِ، وَقَدْ نُقِل عَنْ مُهَنَّا الأَْنْبَارِيِّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَ طَبْلٍ فِي جِوَارِهِ، فَقَامَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَأَرْسَل إِلَيْهِمْ وَنَهَاهُمْ.

وَقَال فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ فِي الرَّجُل يَسْمَعُ الْمُنْكَرَ فِي دَارِ بَعْضِ جِيرَانِهِ قَال: يَأْمُرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَل جَمَعَ عَلَيْهِ الْجِيرَانَ وَيُهَوِّل عَلَيْهِ. وَقَال الْجَصَّاصُ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَجَسَّسُوا} نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ الَّذِي ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ وَالسَّتْرُ، ثُمَّ قَال: نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ التَّجَسُّسِ، بَل أَمَرَ بِالسَّتْرِ عَلَى أَهْل الْمَعَاصِي مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ إِصْرَارٌ. ثُمَّ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ