للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (١) فَلاَ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ فِي نِيَّتِهِ خِلاَفُ الظَّاهِرِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَل وَالْفَتْوَى.

وَإِنْ قَال: أَرَدْتُ الطَّلاَقَ، فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ، إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ الثَّلاَثَ.

وَإِنْ قَال: أَرَدْتُ الظِّهَارَ فَهُوَ ظِهَارٌ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَال مُحَمَّدٌ: لَيْسَ بِظِهَارٍ، لاِنْعِدَامِ التَّشْبِيهِ بِالْمُحَرَّمَةِ وَهُوَ الرُّكْنُ فِيهِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ أَطْلَقَ الْحُرْمَةَ، وَفِي الظِّهَارِ نَوْعُ حُرْمَةٍ، وَالْمُطْلَقُ يَحْتَمِل الْمُقَيَّدَ.

وَإِنْ قَال: أَرَدْتُ التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا، فَهُوَ يَمِينٌ يَصِيرُ بِهِ مُولِيًا، وَصَرَفَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لَفْظَةَ التَّحْرِيمِ إِلَى الطَّلاَقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ بِحُكْمِ الْعُرْفِ ْ؛ لأَِنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ الطَّلاَقَ. قَال بِذَلِكَ أَبُو اللَّيْثِ (٢) .

وَإِنْ قَال لَهَا: أَنَا عَلَيْكِ حَرَامٌ وَيَنْوِي الطَّلاَقَ: فَهِيَ طَالِقٌ (٣) .

وَإِنْ قَال لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِهِ طَلاَقًا أَوْ إِيلاَءً: لَمْ يَكُنْ إِلاَّ ظِهَارًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالاَ: هُوَ عَلَى مَا نَوَى لأَِنَّ التَّحْرِيمَ يَحْتَمِل كُل ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إِذَا


(١) سورة التحريم / ٢.
(٢) فتح القدير ٣ / ١٩٦ - ١٩٧ ط دار صادر.
(٣) فتح القدير ٣ / ٧١.