للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَفْعُهُ وَإِبْطَالُهُ، وَالْغَمْطُ وَالْغَمْصُ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ: الاِحْتِقَارُ (١) .

قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ} قِيل مَعْنَاهُ: مَنْ لَقَّبَ أَخَاهُ أَوْ سَخِرَ بِهِ فَهُوَ فَاسِقٌ. (٢)

قَال ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ: السُّخْرِيَةُ: الاِسْتِحْقَارُ وَالاِسْتِهَانَةُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ يَوْمَ يُضْحَكُ مِنْهُ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْمُحَاكَاةِ بِالْفِعْل أَوِ الْقَوْل أَوِ الإِْشَارَةِ أَوِ الإِْيمَاءِ، أَوِ الضَّحِكِ عَلَى كَلاَمِهِ إِذَا تَخَبَّطَ فِيهِ أَوْ غَلِطَ، أَوْ عَلَى صَنْعَتِهِ، أَوْ قَبِيحِ صُورَتِهِ (٣) .

فَمَنِ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنَ التَّحْقِيرِ مِمَّا هُوَ مَمْنُوعٌ كَانَ قَدِ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ شَرْعًا تَأْدِيبًا لَهُ.

وَهَذَا التَّعْزِيرُ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِ الإِْمَامِ، وَفْقَ مَا يَرَاهُ فِي حُدُودِ الْمَصْلَحَةِ وَطِبْقًا لِلشَّرْعِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مُصْطَلَحِ (تَعْزِيرٌ) ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الزَّجْرُ، وَأَحْوَال النَّاسِ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ، فَلِكُلٍّ مَا يُنَاسِبُهُ مِنْهُ. (٤)

وَهَذَا إِنْ قَصَدَ بِهَذِهِ الأُْمُورِ التَّحْقِيرَ، أَمَّا إِنْ


(١) الأذكار للنووي ٣١١ - ٣١٢.
(٢) القرطبي ١٦ / ٣٢٨.
(٣) الزواجر عن اقتراف الكبائر ٢ / ٢٢ دار المعرفة.
(٤) ابن عابدين ٣ / ١٧٧ - ١٧٩، والشرح الكبير ٤ / ٣٢٧ - ٣٣٠، والشرح الصغير ٤ / ٤٦٢، ٤٦٦، والمهذب في فقه الإمام الشافعي ٢ / ٢٧٣ - ٢٧٥، وكشاف القناع عن متن الإقناع ٦ / ١٢١ - ١٢٤ م النصر الحديثة.