للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلتَّدَاوِي وَلَوْ زَال عَقْلُهُ لاَ عُقُوبَةَ عَلَيْهِ، مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ. أَمَّا إِذَا تَنَاوَل الْقَدْرَ الْمُزِيل لِلْعَقْل بِدُونِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ - إِلاَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي إِيجَابِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ سَكِرَ مِنَ الْحَشِيشَةِ، مُفَرِّقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْمُخَدِّرَاتِ. بِأَنَّ الْحَشِيشَةَ تُشْتَهَى وَتُطْلَبُ بِخِلاَفِ الْبَنْجِ، فَالْحُكْمُ عِنْدَهُ مَنُوطٌ بِاشْتِهَاءِ النَّفْسِ.

وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا عَلَى تَعْزِيرِ مُتَنَاوِل الْمُخَدِّرَاتِ بِدُونِ عُذْرٍ، لَكِنْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْفْيُونَ وَغَيْرَهُ إِذَا أُذِيبَ وَاشْتَدَّ وَقُذِفَ بِالزُّبْدِ، فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِالْخَمْرِ فِي النَّجَاسَةِ وَالْحَدِّ، كَالْخُبْزِ إِذَا أُذِيبَ وَصَارَ كَذَلِكَ، بَل أَوْلَى.

وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ عُقُوبَةَ مُتَنَاوِل الْمُخَدِّرَاتِ بِمَا إِذَا لَمْ يَصِل إِلَى حَالَةٍ تُلْجِئُهُ إِلَى ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ، فَإِنْ وَصَل إِلَى تِلْكَ الْحَالَةِ لاَ يُعَزَّرُ، بَل يَجِبُ عَلَيْهِ الإِْقْلاَعُ عَنْهُ إِمَّا بِاسْتِعْمَال ضِدِّهِ أَوْ تَقْلِيلِهِ تَدْرِيجِيًّا. (١)


(١) ابن عابدين ٣ / ١٦٥، والجوهرة ٢ / ٢٢٨، ودر المنتقى شرح الملتقى بهامش مجمع الأنهر ١ / ٦١٠، والدسوقي ٤ / ٣١٣، والحطاب ١ / ٩٠، وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج ٨ / ١٠، وإعانة الطالبين ٤ / ١٥٦، ومطالب أولي النهى ٥ / ٢٢٤ - ٢٢٥، ومجموعة فتاوى ابن تيمية ٣٤ / ١٩٨، ٢١٤