للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَبْدَأُ بِهِ مِنْ غَلَّتِهِ قَبْل الصَّرْفِ إِلَى الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لأَِنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ صَرْفُ الْغَلَّةِ مُؤَبَّدًا، وَلاَ تَبْقَى دَائِمَةً إِلاَّ بِعِمَارَتِهِ، وَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ يُصْرَفُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، هَذَا مَا عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.

وَفِي هَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ، ثُمَّ الْفَاضِل لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، لَزِمَ النَّاظِرَ إِمْسَاكُ قَدْرِ مَا تَحْتَاجُهُ الْعِمَارَةُ كُل سَنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْهُ وَقْتَ الإِْمْسَاكِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ فِي الْوَقْفِ بَعْدَ التَّوْزِيعِ حَدَثٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَرْمِيمٍ وَلاَ يَجِدُ غَلَّةً يُرَمِّمُ بِهَا، بِخِلاَفِ مَا إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ: أَنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَلاَ يُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَمَعَ الاِشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا، ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي؛ لأَِنَّ الْوَاقِفَ إِنَّمَا جَعَل الْفَاضِل عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ.

وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَارًا، فَعِمَارَتُهَا عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، أَيْ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ مَالِهِ لاَ مِنَ الْغَلَّةِ، إِذْ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ. وَمُفَادُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلسُّكْنَى غَيْرَ سَاكِنٍ فِيهَا يَلْزَمُهُ التَّعْمِيرُ مَعَ السَّاكِنِينَ؛ لأَِنَّ تَرْكَهُ لِحَقِّهِ لاَ يُسْقِطُ حَقَّ الْوَقْفِ، فَيُعَمِّرُ مَعَهُمْ، وَإِلاَّ تُؤَجَّرُ حِصَّتُهُ. وَلَوْ أَبَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى، أَوْ عَجَزَ لِفَقْرِهِ، آجَرَهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَمَّرَهَا بِأُجْرَتِهَا