للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الآْخِرَةِ الأَْجْرَ وَالْمَثُوبَةَ، وَهُوَ أَنْ يَتَحَرَّى الإِْنْسَانُ مَا فِيهِ تَطْهِيرُهُ، وَذَلِكَ يُنْسَبُ تَارَةً إِلَى الْعَبْدِ؛ لِكَوْنِهِ مُكْتَسِبًا لِذَلِكَ؛ نَحْوُ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (١) وَتَارَةً يُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِكَوْنِهِ فَاعِلاً لِذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ نَحْوُ {بَل اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} (٢) وَتَارَةً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ وَاسِطَةً فِي وُصُول ذَلِكَ إِلَيْهِمْ نَحْوُ {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (٣) وقَوْله تَعَالَى: {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ} (٤) وَتَارَةً إِلَى الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ آلَةٌ فِي ذَلِكَ نَحْوُ {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً} (٥) وَنَحْوُ {لأَِهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا} (٦) أَيْ مُزَكًّى بِالْخِلْقَةِ، وَذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الاِجْتِبَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَل بَعْضَ عِبَادِهِ عَالِمًا وَطَاهِرَ الْخَلْقِ لاَ بِالتَّعَلُّمِ وَالْمُمَارَسَةِ، بَل بِتَوْفِيقٍ إِلَهِيٍّ.

وَتَزْكِيَةُ الإِْنْسَانِ نَفْسَهُ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: بِالْفِعْل وَهُوَ مَحْمُودٌ، وَإِلَيْهِ قُصِدَ بِقَوْلِهِ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} وَقَوْلِهِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} . (٧)

وَالثَّانِي: بِالْقَوْل كَتَزْكِيَةِ الْعَدْل غَيْرَهُ، وَذَلِكَ


(١) سورة الشمس / ٩.
(٢) سورة النساء / ٤٩.
(٣) سورة التوبة / ١٠٣.
(٤) سورة التوبة / ١٥١.
(٥) سورة مريم / ١٣.
(٦) سورة مريم / ١٣.
(٧) سورة الأعلى / ١٤.