للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيَتَحَقَّقُ مَوْتُهُ بِمَوْتِهَا، فَلاَ يَكُونُ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، إِذِ الاِحْتِمَال فِيهِ أَقَل، فَلاَ يُضْمَنُ بِالشَّكِّ؛ وَلأَِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى أَعْضَائِهَا، وَبِمَوْتِهَا سَقَطَ حُكْمُ أَعْضَائِهَا (١) .

وَقَال الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ: الْغُرَّةُ وَاجِبَةٌ فِي الْجَنِينِ بِمَوْتِهِ قَبْل مَوْتِ أُمِّهِ (٢) . وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَخْرُجَ الْجَنِينُ مَيِّتًا وَلاَ تَمُوتُ أُمُّهُ مِنَ الضَّرْبِ (٣) .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَيُوجِبُونَ الْغُرَّةَ سَوَاءٌ أَكَانَ انْفِصَال الْجَنِينِ مَيِّتًا حَدَثَ فِي حَيَاةِ الأُْمِّ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا لأَِنَّهُ كَمَا يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: جَنِينٌ تَلِفَ بِجِنَايَةٍ، وَعُلِمَ ذَلِكَ بِخُرُوجِهِ، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ سَقَطَ فِي حَيَاتِهَا. وَلأَِنَّهُ لَوْ سَقَطَ حَيًّا ضَمِنَهُ، فَكَذَلِكَ إِذَا سَقَطَ مَيِّتًا كَمَا لَوْ أَسْقَطَتْهُ فِي حَيَاتِهَا (٤) . وَيَقُول الْقَاضِي زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ: ضَرَبَ الأُْمَّ، فَمَاتَتْ، ثُمَّ أَلْقَتْ مَيِّتًا، وَجَبَتِ الْغُرَّةُ، كَمَا لَوِ انْفَصَل فِي حَيَاتِهَا (٥) . يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ فِي أَصْل تَرَتُّبِ الْعُقُوبَةِ إِذَا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِ الْجَنِينِ، كَظُفُرٍ وَشَعْرٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ تَامِّ الْخَلْقِ اتِّفَاقًا وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ كَمَا يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ إِلاَّ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَتَوَسَّعَ الْمَالِكِيَّةُ فَأَوْجَبُوا الْغُرَّةَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَوْ أَلْقَتْهُ عَلَقَةً أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا، وَنَقَل ابْنُ رُشْدٍ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ قَوْلَهُ: كُل مَا طَرَحَتْ مِنْ


(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٧٨
(٢) مواهب الجليل والتاج والإكليل بهامشه ٦ / ٢٥٧
(٣) بداية المجتهد ٢ / ٤٠٧ ط المعاهد ١٣٥٤
(٤) المغني ٧ / ٨٠١، ٨٠٢ ط الرياض.
(٥) أسنى المطالب بحاشية الرملي ٤ / ٨٩ فما بعدها، والاقناع وحاشية البجيرمي ٤ / ٤٢٩ فما بعدها.