للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْعَدَالَةِ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِهَذَا الإِْقْرَارِ، وَلَوْ عَلِمَ خِلاَفَ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ إِقْرَارَهُ بِعَدَالَتِهِ كَإِقْرَارِهِ بِالْحَقِّ، حَتَّى لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِخِلاَفِ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ. (١)

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: فَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي مَجْهُول الْحَال، فَقَال الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُوَ عَدْلٌ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: فِيهِ قَوْلاَنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

أَوَّلاً - لاَ يَكْفِي فِي الأَْصَحِّ فِي التَّعْدِيل قَوْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ عَدْلٌ، وَقَدْ غَلِطَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ.

وَقِيل: يَكْفِي فِي حَقِّهِ؛ لأَِنَّهُ اعْتَرَفَ بِمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ يُقْضَى عَلَيْهِ. (٢)

وَالْقَوْلاَنِ هُمَا الْوَجْهَانِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

الأَْوَّل: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ؛ لأَِنَّ الْبَحْثَ عَنْ عَدَالَتِهِ لِحَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَقَدِ اعْتَرَفَ بِهَا، وَلأَِنَّهُ إِذَا أَقَرَّ بِعَدَالَتِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْحُكْمَ لِخَصْمِهِ عَلَيْهِ، فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَسَائِرِ أَقَارِيرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ؛ لأَِنَّ فِي الْحُكْمِ بِهَا تَعْدِيلاً لَهُ، فَلاَ يَثْبُتُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ؛ وَلأَِنَّ اعْتِبَارَ الْعَدَالَةِ فِي الشَّاهِدِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَوْ رَضِيَ الْخَصْمُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ


(١) الشرح الكبير ٤ / ١٥٩.
(٢) قليوبي وعميرة ٤ / ٣٠٧.