للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالضَّبْطِ وَالْوِلاَيَةِ وَالْعَدَالَةِ وَالْبَصَرِ وَالنُّطْقِ، وَأَلاَّ يَكُونَ الشَّاهِدُ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ، وَعَدَمِ الْقَرَابَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ قَبُول الشَّهَادَةِ، وَأَلاَّ تَجُرَّ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّاهِدِ نَفْعًا. وَهَذِهِ الشَّرَائِطُ هِيَ فِي الْجُمْلَةِ، إِذْ فِي كُل مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ. وَهَذَا فِي تَزْكِيَةِ الْعَلاَنِيَةِ.

أَمَّا فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ، فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلاَمُ عَمَّنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ فِيهَا، وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ شُهُودِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ وَالشَّهَادَةِ أَمَامَ الْقَاضِي.

وَيَخْتَلِفَانِ فِي أَنَّ شَاهِدَ التَّزْكِيَةِ فِي الْعَلاَنِيَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ: مُبْرَزًّا فِي الْعَدَالَةِ فَطِنًا حَذِرًا لاَ يُخْدَعُ وَلاَ يُسْتَغْفَل.

قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي النَّوَادِرِ: كَمْ مِنْ رَجُلٍ أَقْبَل شَهَادَتَهُ وَلاَ أَقْبَل تَعْدِيلَهُ؛ لأَِنَّهُ يُحْسِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا سَمِعَ وَلاَ يُحْسِنُ التَّعْدِيل. (١)

وَفِي كِتَابِ (الْمُتَيْطِيَّةِ) مِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ: شُهُودُ التَّزْكِيَةِ بِخِلاَفِ شُهُودِ الْحُقُوقِ. قَال مَالِكٌ: قَدْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُل وَلاَ يَجُوزُ تَعْدِيلُهُ، وَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ تَعْدِيل الْعَارِفِ.

وَقَال سَحْنُونٌ: لاَ يَجُوزُ فِي التَّعْدِيل إِلاَّ الْعَدْل الْمُبَرَّزُ الْفَطِنُ الَّذِي لاَ يُخْدَعُ فِي عَقْلِهِ وَلاَ يَسْتَزِل فِي رَأْيِهِ. وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَبِهِ جَرَى الْعَمَل. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: شُهُودُ التَّزْكِيَةِ كَشُهُودِ سَائِرِ الْحُقُوقِ. (٢)


(١) معين الحكام ص ١٠٦.
(٢) تبصرة الحكام ١ / ٢٥٥.