للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكُتُبَ بَيْنَ النَّاسِ إِلاَّ عَارِفٌ بِهَا، عَدْلٌ فِي نَفْسِهِ، مَأْمُونٌ عَلَى مَا يَكْتُبُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْل} (١) وَأَمَّا مَنْ لاَ يُحْسِنُ وُجُوهَ الْكِتَابَةِ، وَلاَ يَقِفُ عَلَى فِقْهِ الْوَثِيقَةِ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنَ الاِنْتِصَابِ لِذَلِكَ؛ لِئَلاَّ يُفْسِدَ عَلَى النَّاسِ كَثِيرًا مِنْ مُعَامَلاَتِهِمْ. وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْكِتَابَةِ إِلاَّ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي دِينِهِ، فَلاَ يَنْبَغِي تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لاَ يَضَعُ اسْمَهُ بِشَهَادَةٍ فِيمَا يَكْتُبُ؛ لأَِنَّ مِثْل هَذَا يُعَلِّمُ النَّاسَ وُجُوهَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، وَيُلْهِمُهُمْ تَحْرِيفَ الْمَسَائِل لِتَوَجُّهِ الإِْشْهَادِ، فَكَثِيرًا مَا يَأْتِي النَّاسُ الْيَوْمَ يَسْتَفْتُونَ فِي نَوَازِل مِنَ الْمُعَامَلاَتِ الرِّبَوِيَّةِ وَالْمُشَارَكَةِ الْفَاسِدَةِ وَالأَْنْكِحَةِ الْمَفْسُوخَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَجُوزُ، فَإِذَا صَرَفَهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَهْل الدِّيَانَةِ أَتَوْا إِلَى مِثْل هَؤُلاَءِ، فَحَرَّفُوا أَلْفَاظَهَا، وَتَحَيَّلُوا لَهَا بِالْعِبَارَةِ الَّتِي ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى صَرِيحِ الْفَسَادِ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا. وَتَمَالأََ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى التَّهَاوُنِ بِحُدُودِ الإِْسْلاَمِ، وَالتَّلاَعُبِ فِي طَرِيقِ الْحَرَامِ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (٢) .

وَجَاءَ فِي " تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ " أَيْضًا، وَفِي " الْعَالِي الرُّتْبَةِ فِي أَحْكَامِ الْحِسْبَةِ " لأَِحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ النَّحْوِيِّ الدِّمَشْقِيِّ الشَّافِعِيِّ


(١) سورة البقرة / ٢٨٢.
(٢) تبصرة الحكام ص ٨٩، ومعين الحكام ص ٩٢. والآية في سورة الشعراء آية ٢٢٧