للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هَذِهِ بَيِّضْ بِهَا وَلَدَكَ (١) .

وَالسُّنَّةُ الْفِعْلِيَّةُ أَيْضًا دَالَّةٌ عَلَى جَوَازِ التَّسَرِّي، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ سَرَارٌ: قَال ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} قَال: أَيْ وَأَبَاحَ لَكَ التَّسَرِّيَ مِمَّا أَخَذْتَ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَقَدْ مَلَكَ صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَأَعْتَقَهُمَا وَتَزَوَّجَهُمَا، وَمَلَكَ رَيْحَانَةَ بِنْتَ شَمْعُونَ النَّصْرَانِيَّةَ وَمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكَانَتَا مِنَ السَّرَارِيِّ. (٢) أَيْ فَكَانَ يَطَؤُهُمَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ.

وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ اتَّخَذُوا السَّرَارِيَّ، فَكَانَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُمَّهَاتُ أَوْلاَدٍ أَوْصَى لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُمَّهَاتُ أَوْلاَدٍ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ أُمَّهَاتِ الأَْوْلاَدِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَرْغَبُونَ فِي أُمَّهَاتِ الأَْوْلاَدِ حَتَّى وُلِدَ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ، فَرَغِبَ النَّاسُ فِيهِنَّ. (٣)


(١) قصة إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم إحدى الجواري لحسان. . . أخرجها ابن سعد في طبقاته (١ / ١٣٥ - ط دار بيروت) ، وأوردها ابن هشام في السيرة (٢ / ٣٠٦ - ط الحلبي) وابن حجر في الإصابة (٤ / ٣٣٩ - ط السعادة) .
(٢) تفسير ابن كثير ٣ / ٤٩٩ بيروت، دار الفكر، طبعة مصورة عن الطبعة المصرية القديمة.
(٣) المغني ٩ / ٥٢٩، وابن عابدين ٢ / ٢٩١، وشرح المنهاج ٤ / ٣٧٤.