للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي دَارِ الإِِْسْلاَمِ. أَمَّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلاَ يُمْكِنُ الْقَوْل بِكَوْنِهِ رِدَّةً؛ لاِحْتِمَال أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَوْ أَنْ يُكْرَهَ عَلَى ذَلِكَ. (١)

قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ دَارِ كُفْرٍ غَيْرِ حَرْبٍ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِالْمُخَالَفَةِ لَهُمْ (لِلْكُفَّارِ) فِي الْهَدْيِ الظَّاهِرِ؛ لِمَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ بَل قَدْ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُل أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُشَارِكَهُمْ أَحْيَانًا فِي هَدْيِهِمُ الظَّاهِرِ، إِِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ دِينِيَّةٌ، مِنْ دَعْوَتِهِمْ إِِلَى الدِّينِ وَالاِطِّلاَعِ عَلَى بَاطِنِ أُمُورِهِمْ لإِِِخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ، أَوْ دَفْعِ ضَرَرِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ. فَأَمَّا فِي دَارِ الإِِْسْلاَمِ وَالْهِجْرَةِ الَّتِي أَعَزَّ اللَّهُ فِيهَا دِينَهُ، وَجَعَل عَلَى الْكَافِرِينَ فِيهَا الصَّغَارَ وَالْجِزْيَةَ فَفِيهَا شُرِعَتِ الْمُخَالَفَةُ. (٢)

٦ - أَنْ يَكُونَ التَّشَبُّهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَمَنْ فَعَل ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لاَ يَكْفُرُ، فَمَنْ شَدَّ عَلَى وَسَطِهِ زُنَّارًا وَدَخَل دَارَ الْحَرْبِ لِتَخْلِيصِ الأَْسْرَى، أَوْ فَعَل ذَلِكَ خَدِيعَةً فِي الْحَرْبِ وَطَلِيعَةً لِلْمُسْلِمِينَ لاَ يَكْفُرُ. (٣) وَكَذَلِكَ إِنْ وَضَعَ قَلَنْسُوَةَ الْمَجُوسِ


(١) أسنى المطالب ٤ / ١١، وانظر أصول الدين لأبي منصور عبد القاهر التميمي البغدادي ص ٢٦٦ ط استانبول.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم بتحقيق د. ناصر العقل ١ / ٤١٨.
(٣) الفتاوى الهندية ٢ / ٢٧٦، والفتاوى البزازية بهامش الهندية ٦ / ٣٣٢، وأسنى المطالب ٤ / ١١٩.