للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِيذَاءٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ أَوْ إِشَارَةِ الْيَدِ، لاِرْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لاَ حَدَّ فِيهَا، وَكُل مَعْصِيَةٍ لاَ حَدَّ فِيهَا فِيهَا التَّعْزِيرُ (١) .

وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ إِِذَا شَبَّهَهُ بِالْحَيَوَانَاتِ الدَّنِيئَةِ كَقَوْلِهِ: يَا حِمَارُ، يَا كَلْبُ، يَا قِرْدُ، يَا بَقَرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ) لأَِنَّ كُل مَنِ ارْتَكَبَ مُنْكَرًا أَوْ آذَى مُسْلِمًا بِغَيْرِ حَقٍّ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إِشَارَةٍ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ.

وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يُعَزَّرُ بِقَوْلِهِ: يَا حِمَارُ، يَا كَلْبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لِظُهُورِ كَذِبِهِ.

وَفَرَّقَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ مَا إِِذَا كَانَ الْمَسْبُوبُ مِنَ الأَْشْرَافِ فَيُعَزَّرُ، أَوْ مِنَ الْعَامَّةِ فَلاَ يُعَزَّرُ، كَمَا اسْتَحْسَنَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيُّ (٢) .

وَهَذَا كُلُّهُ إِِذَا لَمْ يَصِل الشَّتْمُ وَالسَّبُّ إِِلَى حَدِّ الْقَذْفِ، أَمَّا إِِذَا كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَذْفِ: كَالرَّمْيِ بِالزِّنَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ، فَإِِنَّهُ يُحَدُّ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (قَذْفٌ) . (٣)


(١) ابن عابدين ٣ / ١٨٢، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٨٨، وحاشية الجمل على شرح المنهج ٥ / ١٦٢، وكشاف القناع ٦ / ١١٢، والمغني ٨ / ٢٢٠، وحاشية القليوبي ٤ / ١٨٤.
(٢) ابن عابدين ٣ / ١٨٥.
(٣) مختصر المعاني ص ١٢٥، وتفسير الكشاف ٢ / ١٧٩، والقرطبي ٧ / ٣٢٥.