للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكَلاَمَ عِنْدَ الْخُطْبَةِ لاَ يَحْرُمُ، وَيُسَنُّ الإِِْنْصَاتُ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّشْمِيتِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَدَل بِمَا رَوَى أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: دَخَل رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَال: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَشَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الثَّالِثَةِ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَال: حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَال: إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ (١) وَإِِذْ جَازَ هَذَا فِي الْخُطْبَةِ جَازَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ أَثْنَاءَهَا.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْقَدِيمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الإِِْنْصَاتَ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ. لِمَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: دَخَل ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَجَلَسَ إِِلَى أُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَسَكَتَ حَتَّى صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ؟ فَقَال: إِنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ مَعَنَا الْجُمُعَةَ. قَال: وَلِمَ؟ قَال: لأَِنَّكَ تَكَلَّمْتَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَامَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَدَخَل عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ، فَقَال: صَدَقَ أُبَيٌّ (٢) وَإِِذَا كَانَ


(١) حديث: " دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر " أخرجه البيهقي (٣ / ٢٢١ - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ابن خزيمة (٣ / ١٤٩ - ط المكتب الإسلامي) .
(٢) حديث: " صدق أبي " عن جابر قال: دخل عبد الله بن مسعود المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب أورده الهيثمي في المجمع (٢ / ١٨٥ - ط القدسي) وقال: " رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط بنحوه، وفي الكبير باختصار، ورجال أبي يعلى ثقات ".