للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَال: أَلاَ وَقَوْل الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ. فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. (١)

ثُمَّ يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: فَمَتَى ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ عَمْدًا عَزَّرَهُ وَشَهَّرَهُ فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَبِهِ يَقُول شُرَيْحٌ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَعْلَى قَاضِي الْبَصْرَةِ (٢) .

وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: إِِذَا عُزِّرَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُشَهِّرَهُ لِمَصْلَحَةٍ كَشَاهِدِ زُورٍ لِيُجْتَنَبَ. (٣)

وَجَاءَ فِي التَّبْصِرَةِ: التَّعْزِيرُ لاَ يَخْتَصُّ بِالسَّوْطِ وَالْيَدِ وَالْحَبْسِ، وَإِِنَّمَا ذَلِكَ مَوْكُولٌ إِِلَى اجْتِهَادِ الإِِْمَامِ. قَال أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ فِي أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يُعَامِلُونَ الرَّجُل عَلَى قَدْرِهِ وَقَدْرِ جِنَايَتِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُضْرَبُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ فِي الْمَحَافِل، وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ.


(١) حديث: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ١٠ / ٤٠٥ ط. السلفية) ، ومسلم (١ / ٩١ ط. عيسى الحلبي) .
(٢) المغني ٩ / ٢٦١.
(٣) كشاف القناع ٦ / ١٢٥ - ١٢٧.