للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَال: أَيْنَ هُوَ؟ قَال: فِي الْكَنِيسَةِ. فَأَبَى أَنْ يَذْهَبَ: وَقَال لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: امْضِ بِالنَّاسِ فَلْيَتَغَدَّوْا. فَذَهَبَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالنَّاسِ فَدَخَل الْكَنِيسَةَ، وَتَغَدَّى هُوَ وَالنَّاسُ، وَجَعَل عَلِيٌّ يَنْظُرُ إِِلَى الصُّوَرِ، وَقَال: مَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ دَخَل فَأَكَل (١) .

وَلَمْ نَجِدْ نَصًّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ. لَكِنْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: هَل يَحْرُمُ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ إِِلَى الصُّورَةِ الْمَنْقُوشَةِ؟ مَحَل تَرَدُّدٍ، وَلَمْ أَرَهُ، فَلْيُرَاجَعْ.

فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ لاَ يَحْرُمُ.

عَلَى أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ دُونَ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ: أَنَّ الرَّجُل إِِذَا نَظَرَ إِِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ، فَإِِنَّهَا تَنْشَأُ بِذَلِكَ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ؛ لَكِنْ لَوْ نَظَرَ إِِلَى صُورَةِ الْفَرْجِ فِي الْمِرْآةِ فَلاَ تَنْشَأُ تِلْكَ الْحُرْمَةُ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ قَدْ رَأَى عَكْسَهُ لاَ عَيْنَهُ. فَفِي النَّظَرِ إِِلَى الصُّورَةِ الْمَنْقُوشَةِ لاَ تَنْشَأُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى. (٢)

٥٩ - وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَحْرُمُ النَّظَرُ - وَلَوْ بِشَهْوَةٍ - فِي الْمَاءِ أَوِ الْمِرْآةِ. قَالُوا: لأَِنَّ هَذَا مُجَرَّدُ خَيَال امْرَأَةٍ وَلَيْسَ امْرَأَةً. وَقَال الشَّيْخُ الْبَاجُورِيُّ: يَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَى صُوَرِ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَرْفُوعَةٍ. أَوْ عَلَى هَيْئَةٍ لاَ تَعِيشُ مَعَهَا، كَأَنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةَ الرَّأْسِ أَوِ الْوَسَطِ، أَوْ مُخَرَّقَةَ


(١) المغني لابن قدامة ٧ / ٧.
(٢) حاشية ابن عابدين ٥ / ٢٣٨، ٢ / ٢٨١.