للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَرِيضُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ.

وَقَدْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الدَّوَاءِ عَلَى الطَّبِيبِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنِ اجْتِمَاعِ الْجُعْل وَالْبَيْعِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ آخَرُ بِالْجَوَازِ.

وَالطَّبِيبُ يَسْتَحِقُّ الأُْجْرَةَ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ مَعَ مُضِيِّ زَمَنِ إِمْكَانِ الْمُدَاوَاةِ، فَإِِنْ امْتَنَعَ الْمَرِيضُ مِنَ الْعِلاَجِ مَعَ بَقَاءِ الْمَرَضِ اسْتَحَقَّ الطَّبِيبُ الأَْجْرَ، مَا دَامَ قَدْ سَلَّمَ نَفْسَهُ، وَمَضَى زَمَنُ الْمُدَاوَاةِ؛ لأَِنَّ الإِِْجَارَةَ عَقْدٌ لاَزِمٌ وَقَدْ بَذَل الطَّبِيبُ مَا عَلَيْهِ.

وَأَمَّا إِِذَا سَلَّمَ الطَّبِيبُ نَفْسَهُ وَقَبْل مُضِيِّ زَمَنِ إِمْكَانِ الْمُدَاوَاةِ سَكَنَ الْمَرَضُ، فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ) مُتَّفِقُونَ عَلَى انْفِسَاخِ الإِِْجَارَةِ حِينَئِذٍ (١) .

٦ - وَلاَ تَجُوزُ مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ. وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى الْجَوَازَ، إِذْ قَال: لاَ بَأْسَ بِمُشَارَطَةِ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ، لأَِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَقَى الرَّجُل شَارَطَهُ عَلَى الْبُرْءِ. وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّهُ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَكِنْ يَكُونُ جَعَالَةً لاَ إِجَارَةً، فَإِِنَّ الإِِْجَارَةَ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ مُدَّةٍ أَوْ عَمَلٍ


(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٥٠، وحاشية الدسوقي ٤ / ٣٠، والفواكه الدواني ٢ / ١٦٥، وقليوبي وعميرة ٣ / ٧٠، ٧٨، وشرح روض الطالب ٢ / ٤١٣، وكشاف القناع ٤ / ١٤، والمغني ٥ / ٥٣٩، ٥٤٢، ٥٤٣.