للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: لاَ رُجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الثَّوَابُ لاَ الْعِوَضُ. وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَجُوزُ لِلْمُتَصَدِّقِ الرُّجُوعُ فِي صَدَقَتِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، لأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال فِي حَدِيثِهِ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ فَإِِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فِيهَا. وَمِثْل ذَلِكَ الإِِْنْفَاقُ إِِذَا كَانَ بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ فَلاَ رُجُوعَ فِيهِ.

يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: إِِذَا أَنْفَقَ الْوَصِيُّ مِنْ مَال نَفْسِهِ عَلَى الصَّبِيِّ، وَلِلصَّبِيِّ مَالٌ غَائِبٌ، فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الإِِْنْفَاقِ اسْتِحْسَانًا، إِلاَّ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ قَرْضٌ، أَوْ أَنَّهُ يُرْجَعُ بِهِ عَلَيْهِ. وَيَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ: الْمَقَاصِدُ تُغَيِّرُ أَحْكَامَ التَّصَرُّفَاتِ، فَالنِّيَّةُ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَضَى عَنْ غَيْرِهِ دَيْنًا، أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ نَفَقَةً وَاجِبَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ - يَنْوِي التَّبَرُّعَ وَالْهِبَةَ - لَمْ يَمْلِكِ الرُّجُوعَ بِالْبَدَل، وَإِِنْ لَمْ يَنْوِ فَلَهُ الرُّجُوعُ. عَلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلاً وَخِلاَفًا بَيْنَ الْمَذَاهِبِ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَثَلاً: أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يُجِيزُونَ لِلأَْبِ وَلِسَائِرِ الأُْصُول الرُّجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا عَلَى الْوَلَدِ، أَمَّا الْوَاجِبَةُ فَلاَ رُجُوعَ فِيهَا. وَلاَ يُجِيزُونَ لِلأَْبِ الرُّجُوعَ فِي الإِِْبْرَاءِ لِوَلَدِهِ عَنْ دَيْنِهِ. بَيْنَمَا يُجِيزُ الْحَنَابِلَةُ رُجُوعَ الأَْبِ فِيمَا أَبْرَأَ ابْنَهُ مِنْهُ مِنَ الدُّيُونِ (١) .


(١) ابن عابدين ٤ / ٤٢٢، ٥ / ٤٥٨، والمغني ٥ / ٦٨٤، وإعلام الموقعين ٣ / ٩٨، وأسنى المطالب ٢ / ٤٨٣، والاختبارات الفقهية ص ١٨٧.