للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ (١) وَهِيَ مَقْصُودَةٌ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ، وَتَمْيِيزُ بَعْضِ الْعِبَادَاتِ عَنْ بَعْضٍ. فَالْغُسْل قَدْ يَكُونُ تَبَرُّدًا وَعِبَادَةً، وَالإِِْمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ قَدْ يَكُونُ حَمِيَّةً أَوْ تَدَاوِيًا، وَدَفْعُ الْمَال يَكُونُ صَدَقَةً شَرْعِيَّةً وَصِلَةً مُتَعَارَفَةً. . وَهَكَذَا، وَعَلَى ذَلِكَ فَالنِّيَّةُ شَرْطٌ فِي الْعِبَادَاتِ بِاتِّفَاقٍ (٢) ، إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي النِّيَّةِ فِي تَطَوُّعِ الْعِبَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْيِينِ أَوِ الإِِْطْلاَقِ.

٢٥ - وَالتَّطَوُّعُ فِي الْعِبَادَاتِ، مِنْهُ مَا هُوَ مُطْلَقٌ كَالتَّهَجُّدِ وَالصَّوْمِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُقَيَّدٌ كَصَلاَةِ الْكُسُوفِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ، وَكَصِيَامِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ.

أَمَّا التَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ، فَيَصِحُّ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ أَدَاؤُهُ دُونَ تَعْيِينِهِ بِالنِّيَّةِ، وَتَكْفِي نِيَّةُ مُطْلَقِ الصَّلاَةِ أَوْ مُطْلَقِ الصَّوْمِ.

أَمَّا التَّطَوُّعُ الْمُعَيَّنُ كَالرَّوَاتِبِ وَالْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ، وَصَلاَةِ الْكُسُوفِ وَالاِسْتِسْقَاءِ، وَصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَإِِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْيِينُهُ بِالنِّيَّةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ


(١) حديث: " إنما الأعمال بالنيات " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٩ - ط السلفية ومسلم (٣ / ١٥١٥ - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. واللفظ للبخاري.
(٢) الأشباه لابن نجيم ص ١٩، ٢٣ والذخيرة للقرافي ص ٢٣٥، ٢٣٦، والمنثور ٣ / ٢٨٧، والمغني ١ / ٤٦٤.