للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ، بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ (١) . فَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى حَظْرِ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ (٢) .

وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: إِنْ طَيَّبَ ثَوْبَهُ فَلَهُ اسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ مَا لَمْ يَنْزِعْهُ، فَإِِنْ نَزَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ، فَإِِنْ لَبِسَهُ افْتَدَى؛ لأَِنَّ الإِِْحْرَامَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الطِّيبِ وَلُبْسَ الْمُطَيَّبِ دُونَ الاِسْتِدَامَةِ. وَكَذَلِكَ إِنْ نَقَل الطِّيبَ مِنْ مَوْضِعِ بَدَنِهِ إِِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ افْتَدَى؛ لأَِنَّهُ تَطَيَّبَ فِي إِحْرَامِهِ، وَكَذَا إِنْ تَعَمَّدَ مَسَّهُ أَوْ نَحَّاهُ مِنْ مَوْضِعِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَيْهِ، فَأَمَّا إِنْ عَرِقَ الطِّيبُ أَوْ ذَابَ بِالشَّمْسِ فَسَال مِنْ مَوْضِعِهِ إِِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ (٣) ،

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِِلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ (٤) جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ


(١) حديث: " أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات. . . . " أخرجه البخاري (٣ / ٣٩٣ ط. السلفية) ، ومسلم (٢ / ٨٣٧ ط. عيسى الحلبي) واللفظ له.
(٢) بداية المجتهد ٣ / ٣٤١.
(٣) المغني لابن قدامة ٣ / ٢٧٤، ٢٧٥، ومطالب أولي النهى ٢ / ٣٠٣، ٣٠٤.
(٤) أي: نضعه على جباهنا. والحديث دليل على استحباب تطيب المرأة عند الإحرام كالرجل.