للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَنَابِلَةِ (١) . أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ (٢) فَقَالُوا: إِنَّ التَّطَيُّبَ لاَ يَحْرُمُ إِلاَّ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَمَنْ فِي حُكْمِهَا وَهِيَ: زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ الْمَحْكُومِ بِفَقْدِهِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (٣)

وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: لاَ يَحْرُمُ التَّطَيُّبُ؛ لأَِنَّ الإِِْحْدَادَ لاَ يَجِبُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا (٤) وَهَذِهِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، فَدَل عَلَى أَنَّ الإِِْحْدَادَ يَجِبُ فِيهَا فَقَطْ. وَالْمُطَلَّقَةُ بَائِنًا مُعْتَدَّةٌ عَنْ غَيْرِ وَفَاةٍ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الإِِْحْدَادُ كَالرَّجْعِيَّةِ؛ وَلأَِنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَائِنًا فَارَقَهَا زَوْجُهَا بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ وَقَطَعَ نِكَاحَهَا، فَلاَ مَعْنَى لِتَكْلِيفِهَا الْحُزْنَ عَلَيْهِ، فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَطَيَّبَ.

وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ الْمُطَلَّقَةَ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَقَالُوا: يَلْزَمُهَا تَرْكُ التَّطَيُّبِ؛ لأَِنَّهُ يَلْزَمُهَا الْحِدَادُ، وَلَوْ أَمَرَهَا الْمُطَلِّقُ بِتَرْكِهِ؛ لأَِنَّهُ حَقُّ الشَّرْعِ (٥) .


(١) المغني لابن قدامة ٧ / ٥١٨، ٥١٩.
(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ٤٧٨، ٤٧٩.
(٣) سورة البقرة / ٢٣٤.
(٤) حديث: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ١٤٦ ط السلفية) من حديث أم حبيبة رضي الله عنها.
(٥) رد المحتار على الدر المختار ٢ / ٦١٧.