للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اسْتِعْمَالِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى، كَقَوْلِهِمْ: نَحْنُ مُتَعَبَّدُونَ بِالْعَمَل بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَبِالْقِيَاسِ، أَيْ مُكَلَّفُونَ بِذَلِكَ. وَيَقُولُونَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَعَبَّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ، أَيْ مُكَلَّفًا بِالْعَمَل بِهِ (١) .

٢ - وَالتَّعَبُّدِيَّاتُ - فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ - تُطْلَقُ عَلَى أَمْرَيْنِ:

الأَْوَّل: أَعْمَال الْعِبَادَةِ وَالتَّنَسُّكِ (٢) . وَيُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا بِهَذَا الْمَعْنَى إِِلَى مُصْطَلَحِ (عِبَادَةٌ) .

الثَّانِي: الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي لاَ يَظْهَرُ لِلْعِبَادِ فِي تَشْرِيعِهَا حِكْمَةٌ غَيْرُ مُجَرَّدِ التَّعَبُّدِ، أَيِ التَّكْلِيفِ بِهَا، لاِخْتِبَارِ عُبُودِيَّةِ الْعَبْدِ، فَإِِنْ أَطَاعَ أُثِيبَ، وَإِِنْ عَصَى عُوقِبَ.

وَالْمُرَادُ بِالْحِكْمَةِ هُنَا: مَصْلَحَةُ الْعَبْدِ مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَقْلِهِ. أَمَّا مَصْلَحَتُهُ الأُْخْرَوِيَّةُ - مِنْ دُخُول جَنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْخَلاَصِ مِنْ عَذَابِهِ - فَهِيَ مُلاَزِمَةٌ لِتَلْبِيَةِ كُل أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ، تَعَبُّدِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.


(١) مسلم الثبوت، مطبوع بهامش المستصفى للغزالي. القاهرة، مطبعة بولاق.
(٢) الموافقات للشاطبي، (طبعة مصورة عن طبعة المكتبة التجارية بالقاهرة بتحقيق الشيخ عبد الله دراز) ٢ / ٣٢٨ هـ.