للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَمَا لاَ يُمْكِنُهُمْ. وَلَيْسَتْ هَذِهِ التَّخْصِيصَاتُ وَالتَّقْدِيرَاتُ خَارِجَةً عَنْ وُجُوهِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْمُودَةِ، كَمَا أَنَّ التَّخْصِيصَاتِ وَالتَّقْدِيرَاتِ وَاقِعَةٌ فِي خَلْقِهِ كَذَلِكَ، فَهَذَا فِي خَلْقِهِ وَذَاكَ فِي أَمْرِهِ، وَمَصْدَرُهُمَا جَمِيعًا عَنْ كَمَال عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَوَضْعِهِ كُل شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي لاَ يَلِيقُ بِهِ سِوَاهُ وَلاَ يَتَقَاضَى إِلاَّ إِيَّاهُ، كَمَا وَضَعَ قُوَّةَ الْبَصَرِ وَالنُّورِ الْبَاصِرِ فِي الْعَيْنِ، وَقُوَّةَ السَّمْعِ فِي الأُْذُنِ، وَقُوَّةَ الشَّمِّ فِي الأَْنْفِ، وَخَصَّ كُل حَيَوَانٍ وَغَيْرَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَيَحْسُنُ أَنْ يُعْطَاهُ مِنْ أَعْضَائِهِ وَهَيْئَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَقَدْرِهِ، فَشَمِل إِتْقَانَهُ وَإِِحْكَامَهُ، وَإِِذَا كَانَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَتْقَنَ خَلْقَهُ غَايَةَ الإِِْتْقَانِ، وَأَحْكَمَهُ غَايَةَ الإِِْحْكَامِ، فَلأََنْ يَكُونَ أَمْرُهُ فِي غَايَةِ الإِِْتْقَانِ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَلاَ يَكُونُ الْجَهْل بِحِكْمَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَإِِتْقَانِهِ كَذَلِكَ وَصُدُورِهِ عَنْ مَحْضِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ مُسَوِّغًا لإِِِنْكَارِهِ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ (١) .

وَسَارَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَلِيُّ اللَّهِ الدَّهْلَوِيُّ فِي حُجَّةِ اللَّهِ الْبَالِغَةِ وَقَال: إِنَّ الْقَوْل الآْخَرَ (الآْتِي) تُكَذِّبُهُ السُّنَّةُ وَإِِجْمَاعُ الْقُرُونِ الْمَشْهُودِ لَهَا بِالْخَيْرِ (٢) .

٦ - أَمَّا الْقَوْل الثَّانِي بِوُجُودِ أَحْكَامٍ وَلَوْ عَلَى سَبِيل النُّدْرَةِ قُصِدَ مِنْهَا التَّعَبُّدُ وَالاِمْتِثَال. فَيَدُل عَلَيْهِ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ قوله تعالى: قَوْله تَعَالَى


(١) إعلام الموقعين ٢ / ١٢٠.
(٢) حجة الله البالغة ١ / ١١.