للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِإِِقَامَةِ الْحَدِّ، وَفِعْل الْمَأْمُورِ لاَ يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلاَمَةِ. أَمَّا التَّعْزِيرُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي التَّعْزِيرِ. أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: فَالتَّعْزِيرُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِفِعْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذْ أَرْهَبَ امْرَأَةً فَفَزِعَتْ فَزَعًا، فَدَفَعَتِ الْفَزِعَةُ فِي رَحِمِهَا، فَتَحَرَّكَ وَلَدُهَا، فَخَرَجَتْ، فَأَخَذَهَا الْمَخَاضُ، فَأَلْقَتْ غُلاَمًا جَنِينًا، فَأُتِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ، فَأَرْسَل إِِلَى الْمُهَاجِرِينَ فَقَصَّ عَلَيْهِمْ أَمْرَهَا، فَقَال: مَا تَرَوْنَ؟ فَقَالُوا: مَا نَرَى عَلَيْك شَيْئًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا أَنْتَ مُعَلِّمٌ وَمُؤَدِّبٌ، وَفِي الْقَوْمِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ. قَال: فَمَا تَقُول: أَنْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ قَال: أَقُول: إِنْ كَانُوا قَارَبُوك فِي الْهَوَى فَقَدْ أَثِمُوا، وَإِِنْ كَانَ هَذَا جَهْدَ رَأْيِهِمْ فَقَدْ أَخْطَئُوا، وَأَرَى عَلَيْكَ الدِّيَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَال: صَدَقْتَ، اذْهَبْ فَاقْسِمْهَا عَلَى قَوْمِكَ. (١)

أَمَّا مَنْ يَتَحَمَّل الدِّيَةَ فِي النِّهَايَةِ، فَقِيل: إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ وَلِيِّ الأَْمْرِ. وَقِيل: إِنَّهَا تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَال. (٢)


(١) أثر عمر: أخرجه البيهقي (٦ / ١٢٣ - ط دائرة المعارف العثمانية) من طريق الحسن البصري عن عمر بالقصة.
(٢) ابن عابدين ٣ / ١٨٣، وواقعات المفتين / ٦٠، وحاشية الشرنبلالي على هامش درر الحكام ٢ / ٩٤ - ٩٥، وسبل السلام ٤ / ٥٤، والأحكام السلطانية للماوردي / ٢٢٦.