للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ تَكُونُ الْغَلَبَةُ لِحَقِّ الْفَرْدِ، كَمَا فِي السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَالْمُوَاثَبَةِ. وَقَدْ قِيل بِحَالاَتٍ يَكُونُ فِيهَا التَّعْزِيرُ لِحَقِّ الْفَرْدِ وَحْدَهُ، كَالصَّبِيِّ يَشْتُمُ رَجُلاً لأَِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَبْقَى تَعْزِيرُهُ مُتَمَحِّضًا لِحَقِّ الْمَشْتُومِ (١) .

وَتَظْهَرُ أَهَمِّيَّةُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ نَوْعَيِ التَّعْزِيرِ فِي أُمُورٍ:

مِنْهَا: أَنَّ التَّعْزِيرَ الْوَاجِبَ حَقًّا لِلْفَرْدِ أَوِ الْغَالِبَ فِيهِ حَقُّهُ - وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى - إِِذَا طَلَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ فِيهِ لَزِمَتْ إِجَابَتُهُ، وَلاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي فِيهِ الإِِْسْقَاطُ، وَلاَ يَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ أَوِ الشَّفَاعَةُ مِنْ وَلِيِّ الأَْمْرِ. أَمَّا التَّعْزِيرُ الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ فَإِِنَّ الْعَفْوَ فِيهِ مِنْ وَلِيِّ الأَْمْرِ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الشَّفَاعَةُ إِنْ كَانَتْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، أَوْ حَصَل انْزِجَارُ الْجَانِي بِدُونِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ (٢) : اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا يَشَاءُ (٣) .


(١) شرح طوالع الأنوار للسندي على الدر المختار ٧ / ٦٢١، ٦٣٦ (مخطوط) الفصول الخمسة عشر فيما يوجب التعزير وما لا يوجب وغير ذلك، للأستروشني ص ٥، والأحكام السلطانية للماوردي ٢٢٥، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ٢٦٥.
(٢) حديث: " اشفعوا تؤجروا. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٢٩٩ - ط السلفية) ، ومسلم (٤ / ٢٠٢٦ ط الحلبي) .
(٣) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٩٢، الفصول الخمسة عشر في التعزير ص ٣، الماوردي ص ٢٢٥.