للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالسَّجْنِ، وَأَنَّهُ قَال فِيمَنْ أَمْسَكَ رَجُلاً لآِخَرَ حَتَّى قَتَلَهُ: اقْتُلُوا الْقَاتِل، وَاصْبِرُوا الصَّابِرَ (١) . وَفُسِّرَتْ عِبَارَةُ اصْبِرُوا الصَّابِرَ بِحَبْسِهِ حَتَّى الْمَوْتِ؛ لأَِنَّهُ حَبَسَ الْمَقْتُول لِلْمَوْتِ بِإِِمْسَاكِهِ إِيَّاهُ.

وَأَمَّا الإِِْجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، عَلَى الْمُعَاقَبَةِ بِالْحَبْسِ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ يَصْلُحُ عُقُوبَةً فِي التَّعْزِيرِ. وَمِمَّا جَاءَ فِي هَذَا الْمَقَامِ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَجَنَ الْحُطَيْئَةَ عَلَى الْهَجْوِ، وَسَجَنَ صَبِيغًا عَلَى سُؤَالِهِ عَنِ الذَّارِيَاتِ، وَالْمُرْسَلاَتِ، وَالنَّازِعَاتِ، وَشِبْهِهِ، وَأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَجَنَ ضَابِئَ بْنَ الْحَارِثِ، وَكَانَ مِنْ لُصُوصِ بَنِي تَمِيمٍ وَفُتَّاكِهِمْ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَجَنَ بِالْكُوفَةِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَجَنَ بِمَكَّةَ، وَسَجَنَ فِي " دَارِمٍ " مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا امْتَنَعَ عَنْ بَيْعَتِهِ (٢) .


(١) حديث: " اقتلوا القاتل واصبروا الصابر ". أخرجه البيهقي (٨ / ٥١ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث إسماعيل بن أمية مرسلا. وأورده قبله بلفظ مقارب، ولكنه رجح الإرسال، ومن قبله الدارقطني (٣ / ١٤٠ - ط دار المحاسن) .
(٢) أقضية الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي عبد الله محمد بن فرح المالكي القرطبي ص ٥ - ٦، وتبصرة الحكام ٢ / ٣٧٣، والزيلعي ٣ / ٢٠٧ و ٤ / ١٧٩ - ١٨٠، وابن عابدين ٤ / ٣٢٦، وفتح القدير ٦ / ٣٧٥، والمغني ١٠ / ٣١٣ - ٣١٤ - ٣٤٨، والسياسة الشرعية ص ٥٤، وكشاف القناع ٤ / ٧٤، والماوردي ص ٢٢٤.