للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِأَنْ يُقَال لَهُ مَثَلاً: يَا ظَالِمُ، يَا مُعْتَدٍ. وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ التَّعْزِيرِ بِالْقَوْل. وَقَدْ جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ لاِبْنِ فَرْحُونَ: وَأَمَّا التَّعْزِيرُ بِالْقَوْل فَدَلِيلُهُ مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَقَال: اضْرِبُوهُ فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ بِإِِسْنَادِهِ: ثُمَّ قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِصْحَابِهِ بَكِّتُوهُ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَقُولُونَ: مَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ، مَا خَشِيتَ اللَّهَ، مَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا التَّبْكِيتُ مِنَ التَّعْزِيرِ بِالْقَوْل (١) .

وَقَدْ عَزَّرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالتَّوْبِيخِ. فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْفَذَ جَيْشًا فَغَنِمُوا غَنَائِمَ، فَلَمَّا رَجَعُوا لَبِسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ، فَلَمَّا رَآهُمْ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَقَالُوا: أَعْرَضْتَ عَنَّا، فَقَال: انْزَعُوا ثِيَابَ أَهْل النَّارِ، فَنَزَعُوا مَا كَانُوا


(١) حديث " بكتوه ". وقال في آخره: " ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ". أخرجه أبو داود (٤ / ٦٢٠ - ٦٢١ تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وإسناده حسن، والحديث لفظه في نيل الأوطار: عن أبي هريرة قال: " أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب، فقال: اضربوه فقال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله قال: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه ال وراجع تبصرة الحكام ٢ / ٢٠٠، وكشاف القناع ٤ / ٧٤، والشرح الكبير ٤ / ٤٥٨، والفتاوى ١ / ١٦٧، ومغني المحتاج ٤ / ١٩٢.