للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِِنَّ فِيهِ حَدَّ الزِّنَى، أَمَّا إِِذَا لَمْ يُطَبَّقِ الْحَدُّ الْمُقَدَّرُ لِوُجُودِ شُبْهَةٍ (١) ، أَوْ لِعَدَمِ تَوَافُرِ شَرِيطَةٍ مِنَ الشَّرَائِطِ الشَّرْعِيَّةِ لِثُبُوتِ الْحَدِّ، فَإِِنَّ الْفِعْل يَكُونُ جَرِيمَةً شُرِعَ الْحُكْمُ فِيهَا - أَوْ فِي جِنْسِهَا - لَكِنَّهُ لَمْ يُطَبَّقْ. وَكُل جَرِيمَةٍ لاَ حَدَّ فِيهَا وَلاَ قِصَاصَ فَفِيهَا التَّعْزِيرُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ: إِِذَا كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ، سَوَاءٌ كَانَتْ شُبْهَةَ فِعْلٍ (٢) ، أَوْ شُبْهَةَ مِلْكٍ، أَوْ شُبْهَةَ عَقْدٍ، فَإِِنَّ الْحَدَّ لاَ يُطَبَّقُ. لَكِنَّ الْجَانِيَ يُعَزَّرُ؛ لأَِنَّهُ ارْتَكَبَ جَرِيمَةً لَيْسَتْ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ.

وَتُعْرَفُ الشُّبْهَةُ بِأَنَّهَا: مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ. أَوْ: هِيَ وُجُودُ الْمُبِيحِ صُورَةً، مَعَ عَدَمِ حُكْمِهِ أَوْ حَقِيقَتِهِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (اشْتِبَاهٌ) .

وَإِِذَا كَانَتِ الْمَزْنِيُّ بِهَا مَيِّتَةً فَفِي هَذَا الْفِعْل التَّعْزِيرُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ زِنًى، إِذْ حَيَاةُ الْمَزْنِيِّ بِهَا شَرِيطَةٌ فِي الْحَدِّ.

وَإِِذَا لَمْ يَكُنِ الْفِعْل مِنْ رَجُلٍ فَلاَ يُقَامُ الْحَدُّ،


(١) درء الحد بالشبهة أساسه حديث " ادرؤوا الحدود بالشبهات، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ". وقد أخذ الجمهور بهذا الحديث في إثبات الشبهة. والحديث المذكور رواه الترمذي قريبا من لفظه، وذكر أنه روي موقوفا، (نيل الأوطار ٧ / ١١٠ - ١١١) .
(٢) السرخسي ٩ / ١٥١، والكاساني ٧ / ٤٢ - ٤٥، ٢٣٥.