للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَمْنُوعُونَ مِنْ أَنْ تَعْلُوَ أَبْنِيَتُهُمْ عَلَى أَبْنِيَةِ جِيرَانِهِمُ الْمُسْلِمِينَ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَال الإِِْسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى عَلَيْهِ (١) وَلأَِنَّ فِي ذَلِكَ رُتْبَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْل الذِّمَّةِ مَمْنُوعُونَ مِنْ ذَلِكَ. عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ قَدْ ذَهَبَ: إِِلَى أَنَّهُ إِِذَا كَانَ التَّعَلِّي لِلْحِفْظِ مِنَ اللُّصُوصِ فَإِِنَّهُمْ لاَ يُمْنَعُونَ مِنْهُ؛ لأَِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّعَلِّي فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ - بَل لِلتَّحَفُّظِ - فَلاَ يُمْنَعُونَ (٢) .

١٠ - وَأَمَّا مُسَاوَاتُهُمْ فِي الْبِنَاءِ، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلاَنِ:

مَنَعَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ. فَقَدْ أَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَمَنَعَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإِِْسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى عَلَيْهِ (٣) وَلأَِنَّهُمْ مُنِعُوا مِنْ مُسَاوَاةِ الْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ وَشُعُورِهِمْ وَرُكُوبِهِمْ، كَذَلِكَ فِي بِنَائِهِمْ.


(١) حديث: " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " أخرجه الدارقطني (٣ / ٢٥٢ - ط دار المحاسن) وحسنه ابن حجر في الفتح (٣ / ٢٢٠ - ط السلفية) .
(٢) ابن عابدين ٣ / ٢٧٦، ٢٧٧، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه ٣ / ٣٧٠، وحاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل ٦ / ٦١ دار صادر، والشرح الصغير ٤ / ٤٨٦، ونهاية المحتاج للرملي ٨ / ٩٤، والمهذب في فقه الإمام الشافعي ٢ / ٢٥٥، والمغني لابن قدامة ٨ / ٥٢٨، ٥٣٣ ط الرياض.
(٣) تقدم تخريحه في ف / ٩.