للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِنْ ذَلِكَ مَا تَتَعَاطَاهُ الْمَرْأَةُ لِلتَّدَاوِي كَالْكُحْل وَالاِمْتِشَاطِ بِمُشْطٍ وَاسِعٍ لاَ طِيبَ فِيهِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى كَرَاهِيَةِ الاِمْتِشَاطِ بِمُشْطِ الأَْسْنَانِ وَهُوَ بِلاَ طِيبٍ؛ لأَِنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ الزِّينَةِ عِنْدَهُمْ. عَلَى أَنَّ مَنْ لاَ كَسْبَ لَهَا إِلاَّ مِنَ الاِتِّجَارِ بِالطِّيبِ أَوْ صِنَاعَتِهِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَنُصُّونَ عَلَى جَوَازِ مَسِّهَا لَهُ.

وَهَذَا كُلُّهُ فِي بَدْءِ التَّطَيُّبِ بَعْدَ لُزُومِ الإِْحْدَادِ، أَمَّا لَوْ تَطَيَّبَتْ قَبْل ذَلِكَ فَهَل عَلَيْهَا إِزَالَتُهُ بَعْدَ لُزُومِ الإِْحْدَادِ؟ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - إِلَى وُجُوبِ ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَالرَّأْيُ الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ وَاخْتَارَهُ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَالَتُهُ.

١٥ - وَاخْتَلَفُوا فِي الأَْدْهَانِ غَيْرِ الْمُطَيِّبَةِ، كَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا مِنَ الزِّينَةِ الْمَمْنُوعَةِ عَلَى الْمُحِدَّةِ، خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (١) .

فَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَل عَلَيْهَا حِينَ تُوُفِّيَ زَوْجُهَا أَبُو سَلَمَةَ، فَنَهَاهَا أَنْ تَمْتَشِطَ بِالطِّيبِ وَلاَ بِالْحِنَّاءِ، فَإِنَّهُ خِضَابٌ. قَالَتْ: قُلْتُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ؟ قَال: بِالسِّدْرِ تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ (٢) أَيْ تَجْعَلِينَ عَلَيْهِ مِنَ السِّدْرِ مَا يُشْبِهُ الْغُلاَفَ.


(١) نهاية المحتاج ٧ / ١٤٢، ١٤٣، وفتح القدير ١٤ / ١٦٢، ١٦٣، والخرشي ٣ / ٢٨٨ ط الشرقية، والمجموع للنووي ١٧ / ٣٠ ط مطبعة الإرشاد بجدة، والحطاب ٤ / ١٥٤، والمغني لابن قدامة ٩ / ١٦٧ - ١٧٠ ط المنار، وابن عابدين ٢ / ٦١٧ - ٦١٩، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٢ / ٤٧١ ط الحلبي.
(٢) حديث أم سلمة أخرجه أبو داود والنسائي. وفيه أم أم حكيم، مجهولة (الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في تحقيق سنن أبي داود ٢ / ٣٩١، ٣٩٢)