للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزِّنَى، فِي الْجُمْلَةِ عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ حَدِّ الزِّنَى أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ.

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّ مِنْ حَدِّ الزَّانِي - إِنْ كَانَ بِكْرًا - التَّغْرِيبَ لِمُدَّةِ سَنَةٍ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ (١) وَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال أَحَدُهُمَا: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَأَنِّي افْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالرَّجْمُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا. فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأََقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا. ثُمَّ قَال لأُِنَيْسٍ الأَْسْلَمِيِّ: وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا (٢) . وَلأَِنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالإِْجْمَاعِ.


(١) حديث: " البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة. . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٣١٦ ط الحلبي) .
(٢) حديث: " والذي نفسي بيده. . . " أخرجه البخاري (١٢ / ١٨٦ الفتح ط السلفية) ، ومسلم (٣ / ١٣٢٥ ط الحلبي) .