للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَصٌّ يَدُل عَلَى نَجَاسَتِهَا، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبَ مِنْهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ أَحْجَارًا لِلاِسْتِنْجَاءِ، فَأَتَى بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ، وَرَمَى الرَّوْثَةَ، وَقَال: إِنَّهَا رِكْسٌ (١) وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ يُعَارِضُهُ، فَكَانَتْ نَجَاسَتُهَا مُغَلَّظَةً.

أَمَّا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَمُخَفَّفَةٌ لاِخْتِلاَفِ الْعُلَمَاءِ فِي نَجَاسَتِهَا. وَبَوْل مَا لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ نَجِسٌ نَجَاسَةً مُغَلَّظَةً بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَ الإِْمَامِ وَالصَّاحِبَيْنِ، لاِنْعِدَامِ النَّصِّ الْمُعَارِضِ عِنْدَ الإِْمَامِ وَاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى نَجَاسَتِهِ عِنْدَهُمَا.

وَالنَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هِيَ مَا عَدَا فَضَلاَتِ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ مِنَ النَّجَاسَاتِ. وَيُفَرِّقُ الْحَنَابِلَةُ فِي النَّجَاسَاتِ بَيْنَ كُلٍّ مِنَ الْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ وَبَيْنَ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ، فَنَجَاسَةُ الْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ أَشَدُّ، وَيَلِيهَا بَوْل الآْدَمِيِّ وَعَذِرَتِهِ، ثُمَّ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ، ثُمَّ بَوْل الرَّضِيعِ. (٢)

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْفَى عَنَ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ قَدْرُ دِرْهَمٍ إِذَا أَصَابَتِ الثَّوْبَ أَوِ


(١) حديث: " ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه ليلة الجن أحجارا للاستنجاء. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٢٥٦ ط الدار السلفية) .
(٢) ابن عابدين ١ / ٢١١، وبدائع الصنائع ١ / ٨٠، والمدونة الكبرى ١ / ١٩، ٢٠، ٢١، والإنصاف ١ / ٣١٠