للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - إِنَّ اللَّمْسَ وَالتَّقْبِيل نَاقِضَانِ لِلْوُضُوءِ مُطْلَقًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} (١) ، وَلأَِنَّهُ مَظِنَّةُ الاِلْتِذَاذِ الْمُثِيرِ لِلشَّهْوَةِ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ بَاقِي صُوَرِ الْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ اللاَّمِسِ وَالْمَلْمُوسِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ: وَلَوْ كَانَ الْمَمْسُوسُ مَيِّتًا (٢) .

وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ قَبَّل لِشَهْوَةٍ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى مَنْ قَبَّل لِرَحْمَةٍ. وَلاَ فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الأَْجْنَبِيَّةِ وَالْمَحْرَمِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي تُشْتَهَى - أَيْ ذَاتِ سَبْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ - وَالْكَبِيرَةِ، لِعُمُومِ النَّصِّ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا بِعَدَمِ النَّقْضِ بِلَمْسِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ فِي الأَْظْهَرِ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ (٣) .

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ فَصَّلُوا فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: تَقْبِيل فَمِ مَنْ يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً نَاقِضٌ لِوُضُوئِهِمَا مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ اللَّذَّةَ أَوْ لَمْ يَجِدْهَا، وَإِنْ كَانَ بِكُرْهٍ أَوِ اسْتِغْفَالٍ، لأَِنَّ الْقُبْلَةَ عَلَى الْفَمِ لاَ تَنْفَكُّ عَنِ اللَّذَّةِ غَالِبًا، وَالنَّادِرُ لاَ حُكْمَ لَهُ (٤) .


(١) سورة النساء / ٤٣.
(٢) حاشية القليوبي ١ / ٣٢، والمغني ١ / ١٩٢ـ ١٩٥.
(٣) نفس المراجع.
(٤) جواهر الإكليل ١ / ٢٠، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ١ / ١٢٠، ١٢١.