للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْل الاِجْتِهَادِ فَيَكُونُ مَعْمُولاً بِخَبَرِهِ لاَ بِفُتْيَاهُ (١) . وَصَحَّحَ الشَّوْكَانِيُّ أَنَّ مَا يُلْقِيهِ الْمُقَلِّدُ عَنْ مُقَلَّدِهِ إِلَى الْمُسْتَفْتِي لَيْسَ مِنَ الْفُتْيَا فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ نَقْل قَوْلٍ. قَال: الَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْمُفْتِيَ الْمُقَلِّدَ لاَ يَحِل لَهُ أَنْ يُفْتِيَ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ، أَوْ عَنِ الْحَقِّ، أَوْ عَمَّا يَحِل لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْمُقَلِّدَ لاَ يَدْرِي بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ، بَل لاَ يَعْرِفُهَا إِلاَّ الْمُجْتَهِدُ. وَهَذَا إِنْ سَأَلَهُ السَّائِل سُؤَالاً مُطْلَقًا. وَأَمَّا إِنْ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ قَوْل فُلاَنٍ وَرَأْيِ فُلاَنٍ فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَنْقُل إِلَيْهِ ذَلِكَ وَيَرْوِيهِ لَهُ إِنْ كَانَ عَارِفًا بِمَذْهَبِهِ (٢) .

وَنَقَل ابْنُ الصَّلاَحِ عَنِ الْحَلِيمِيِّ وَالرُّويَانِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا هُوَ مُقَلِّدٌ فِيهِ، ثُمَّ قَال ابْنُ الصَّلاَحِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُذَكِّرَهُ فِي صُورَةِ مَا يَقُولُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، بَل يُضَيِّفُهُ وَيَحْكِيهِ عَنْ إِمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ. قَال ابْنُ الصَّلاَحِ: فَعَلَى هَذَا مَنْ عَدَدْنَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمُفْتِينَ مِنَ الْمُقَلِّدِينَ لَيْسُوا عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنَ الْمُفْتِينَ، وَلَكِنَّهُمْ قَامُوا مَقَامَهُمْ وَأَدَّوْا عَنْهُمْ (٣) .


(١) المغني ٩ / ٤١.
(٢) رسالة القول المفيد في الاجتهاد والتقليد للشوكاني ـ خاتمة الرسالة.
(٣) فتاوى ابن الصلاح مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم (١٨٨٩ أصول فقه) ق١٠.