للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْيَسِيرُ فَلاَ تَحِل بِهِ التَّقِيَّةُ وَلاَ يُجِيزُ إظْهَارَ مُوَالاَةِ الْكَافِرِينَ أَوِ ارْتِكَابَ الْمُحَرَّمِ. وَرَخَّصَ الْبَعْضُ فِي التَّقِيَّةِ لأَِجْلِهِ. رَوَى شُرَيْحٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: لَيْسَ الرَّجُل بِأَمِينٍ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا سُجِنَ أَوْ أُوثِقَ أَوْ عُذِّبَ. وَفِي لَفْظٍ: أَرْبَعٌ كُلُّهُنَّ كُرْهٌ: السِّجْنُ وَالضَّرْبُ وَالْوَعِيدُ وَالْقَيْدُ. وَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا كَلاَمٌ يَدْرَأُ عَنِّي سَوْطَيْنِ إِلاَّ كُنْت مُتَكَلِّمًا بِهِ (١) .

وَأَمَّا الْعِرْضُ فَكَأَنْ يَخْشَى عَلَى حَرَمِهِ مِنَ الاِعْتِدَاءِ. وَأَمَّا الْخَوْفُ عَلَى الْمَال فَقَدْ قَال الرَّازِيُّ: فِيمَا سَبَقَ بَيَانُهُ: التَّقِيَّةُ جَائِزَةٌ لِصَوْنِ النَّفْسِ وَهَل هِيَ جَائِزَةٌ لِصَوْنِ الْمَال؟ يُحْتَمَل أَنْ يُحْكَمَ فِيهَا بِالْجَوَازِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُرْمَةُ مَال الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ (٢) . وَقَوْلُهُ مَنْ قُتِل دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (٣) وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْمَال شَدِيدَةٌ، وَالْمَاءُ إِذَا بِيعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ سَقَطَ فَرْضُ الْوُضُوءِ وَجَازَ الاِقْتِصَارُ عَلَى التَّيَمُّمِ دَفْعًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ نُقْصَانِ الْمَال، فَكَيْفَ لاَ يَجُوزُ هَاهُنَا؟ وَقَال مَالِكٌ إِنَّ التَّخْوِيفَ بِأَخْذِ الْمَال إِكْرَاهٌ وَلَوْ قَلِيلاً (٤) وَفِي مَذْهَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ.

قَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: الإِْكْرَاهُ يَخْتَلِفُ.


(١) فتح الباري ١٢ / ٣١٤.
(٢) سبق تخريجه ف ١٥.
(٣) سبق تخريجه ف ١٥.
(٤) تفسير الرازي ٨ / ١٤، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ٣٦٨.