للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُ أَكْفَائِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى أَحَدًا، وَيَدُورُ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ حَتَّى يَصْرَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ (١) .

وَالتَّكَافُؤُ لِلْمُبَارَزَةِ: أَنْ يَعْلَمَ الشَّخْصُ الَّذِي يَخْرُجُ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ، وَأَنَّهُ لَنْ يَعْجِزَ عَنْ مُقَاوَمَةِ عَدُوِّهِ (٢) .

وَقَدْ بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ فِي بَابِ " الْجِهَادِ " حُكْمَ الْمُبَارَزَةِ، وَأَنَّهَا تَكُونُ جَائِزَةً - خِلاَفًا لِلْحَسَنِ - بِإِطْلاَقٍ أَوْ بِإِذْنِ الإِْمَامِ، وَتَكُونُ مُسْتَحَبَّةً لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ، لأَِنَّ فِي خُرُوجِهِ لِلْمُبَارَزَةِ نَصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَدَرْءًا عَنْهُمْ وَإِظْهَارًا لِقُوَّتِهِمْ، وَتَكُونُ مَكْرُوهَةً لِلضَّعِيفِ الَّذِي لاَ يَثِقُ مِنْ قُوَّتِهِ وَشَجَاعَتِهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَإِضْعَافِ عَزْمِهِمْ لأَِنَّهُ يُقْتَل غَالِبًا.

فَالتَّكَافُؤُ هُوَ مَنَاطُ الْحُكْمِ بِالْجَوَازِ أَوِ الاِسْتِحْبَابِ أَوِ الْكَرَاهَةِ فِي الْمُبَارَزَةِ، وَقَدْ بَيَّنَ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا جَازَتِ الْمُبَارَزَةُ بِمَا اسْتَشْهَدْنَا. . كَانَ لِتَمْكِينِ الْمُبَارَزَةِ شَرْطَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَا نَجْدَةٍ وَشَجَاعَةٍ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَنْ يَعْجِزَ عَنْ مُقَاوَمَةِ عَدُوِّهِ، فَإِنْ كَانَ بِخِلاَفِهِ مُنِعَ.

وَالثَّانِي: أَنْ لاَ يَكُونَ زَعِيمًا لِلْجَيْشِ يُؤَثِّرُ فَقْدُهُ فِيهِمْ (٣) .


(١) القاموس المحيط ٢ / ١٧١.
(٢) المغني لابن قدامة ٦ / ٣٦٨، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٤٠ (دار الكتب العلمية ـ بيروت) .
(٣) الأحكام السلطانية ص ٤٠.