للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالإِْجَارَةِ وَالرَّهْنِ، فَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي أَصْلِهَا عَقْدُ أَمَانَةٍ إِلاَّ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ أَمِينٌ عَلَى مَا فِي يَدِهِ.

فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مَا تَلِفَ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ يَكُونُ تَلَفُهُ عَلَى رَبِّ الْمَال وَلاَ يَضْمَنُهُ الْمُضَارِبُ، فَهُوَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ، لأَِنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لاَ عَلَى وَجْهِ الْبَدَل وَالْوَثِيقَةِ، إِلاَّ أَنَّ الْمُضَارِبَ يَصِيرُ ضَامِنًا لِرَأْسِ الْمَال إِذَا تَلِفَ بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ شَرْطِ رَبِّ الْمَال، كَأَنْ شَرَطَ رَبُّ الْمَال أَلاَّ يُسَافِرَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فَسَافَرَ فَغَرِقَ الْمَال، فَإِنَّ الْمُضَارِبَ حِينَئِذٍ ضَامِنٌ لَهُ لِمُخَالَفَتِهِ شَرْطَ رَبِّ الْمَال فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ (١) .

وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ يَدُ أَمَانَةٍ، فَمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ إِلاَّ بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ، أَمَّا إِذَا تَعَدَّى أَوْ فَرَّطَ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا يَلْحَقُ الْعَيْنَ مِنْ تَلَفٍ أَوْ نُقْصَانٍ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا تَجَاوَزَ فِي الاِنْتِفَاعِ بِهَا حَقَّهُ فِيهِ فَتَلِفَتْ عِنْدَ ذَلِكَ (٢) .

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الرَّهْنِ إِذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، هَل يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ أَمْ لاَ؟


(١) بدائع الصنائع ٦ / ٨٧، وحاشية الدسوقي ٢ / ٥٢٦، ومغني المحتاج ٢ / ٣٢٢، وكشاف القناع ٣ / ٥٢٢ وما بعدها.
(٢) الدر المختار ٥ / ١٧ وما بعدها، ومواهب الجليل ٥ / ٤١٦، والفتاوى الهندية ٤ / ٤٧٠، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٢٥، والمهذب ١ / ٤٠٧، وكشاف القناع ٤ / ١٥.