للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الثَّلاَثَةِ أَوْ يَوْمٍ مِنْهَا عَلَى الإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (١) وَلأَِنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلاَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا كَسَائِرِ الصِّيَامِ الْوَاجِبِ؛ وَلأَِنَّ مَا قَبْلَهُ لاَ يَجُوزُ فِيهِ الدَّمُ فَلَمْ يَجُزْ بَدَلُهُ (٢) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الثَّلاَثَةِ عَلَى الإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ بَعْدَ الإِْحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ إِذَا حَل مِنَ الْعُمْرَةِ. وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ أَنَّ إِحْرَامَ الْعُمْرَةِ أَحَدُ إِحْرَامَيِ التَّمَتُّعِ فَجَازَ الصَّوْمُ بَعْدَهُ كَإِحْرَامِ الْحَجِّ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (٣) فَالْمُرَادُ بِهِ وَقْتُهُ أَوْ أَشْهُرُ الْحَجِّ؛ لأَِنَّ نَفْسَ الْحَجِّ - وَهِيَ أَفْعَالٌ مَعْلُومَةٌ - لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِفِعْلٍ آخَرَ وَهُوَ الصَّوْمُ.

وَأَمَّا تَقْدِيمُ الصَّوْمِ عَلَى إِحْرَامِ الْعُمْرَةِ فَلاَ يَجُوزُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ وُجُودِ السَّبَبِ (٤) . وَإِنْ فَاتَهُ الصَّوْمُ حَتَّى أَتَى يَوْمُ النَّحْرِ صَامَ أَيَّامَ مِنًى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - وَقَال


(١) سورة البقرة / ١٩٦.
(٢) المراجع السابقة.
(٣) سورة البقرة / ١٩٦.
(٤) البناية على الهداية ٣ / ٦٢١، ٦٢٢، والفواكه الدواني ١ / ٤٣٣، والمغني لابن قدامة ٣ / ٤٧٧، وانظر المراجع السابقة.