للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِمَقْتُولٍ وَاحِدٍ؛ وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} (١) وَقَال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (٢) فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لاَ يُؤْخَذُ بِالنَّفْسِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدةٍ؛ وَلأَِنَّ التَّفَاوُتَ فِي الأَْوْصَافِ يُمْنَعُ بِدَلِيل أَنَّ الْحُرَّ لاَ يُؤْخَذُ بِالْعَبْدِ، وَالتَّفَاوُتُ فِي الْعَدَدِ أَوْلَى (٣) .

وَلَكِنْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى (قَتْل الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ) اخْتَلَفُوا فِي التَّفْصِيل.

فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُقْتَل جَمْعٌ بِمُفْرَدٍ إِنْ جَرَحَ كُل وَاحِدٍ جُرْحًا مُهْلِكًا مَعًا؛ لأَِنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ يَتَحَقَّقُ بِالْمُشَارَكَةِ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَجَزِّئٍ بِخِلاَفِ الأَْطْرَافِ، وَاشْتِرَاكُ الْجَمَاعَةِ فِيمَا لاَ يَتَجَزَّأُ يُوجِبُ التَّكَامُل فِي حَقِّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَيُضَافُ إِلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَلاً كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ كَوِلاَيَةِ الإِْنْكَاحِ، فَإِنْ كَانَ جُرْحُ الْبَعْضِ مُهْلِكًا، وَجُرْحُ الآْخَرِينَ غَيْرَ مُهْلِكٍ، فَالْقَوَدُ عَلَى ذِي الْجُرْحِ الْمُهْلِكِ، وَعَلَى الآْخَرِينَ التَّعْزِيرُ، وَالدِّيَةُ - فِي الظَّاهِرِ - لِتَعَمُّدِهِمْ، أَمَّا إِذَا بَاشَرَ الْقَتْل بَعْضُهُمْ وَكَانَ الآْخَرُونَ نِظَارَةً أَوْ مُغْرِينَ فَلاَ قَوَدَ وَلاَ دِيَةَ (٤) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُقْتَل الْجَمْعُ الْمُتَمَالِئُونَ عَلَى


(١) سورة البقرة / ١٧٨.
(٢) سورة المائدة / ٤٥.
(٣) المغني ٧ / ٦٧١، ٦٧٢.
(٤) رد المحتار على الدر المختار ٥ / ٣٥٧.