للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ (١) بِالرُّجُوعِ مَعَ اشْتِهَارِهِ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ، وَكَرِهَ الإِْقْرَارَ حَتَّى إِنَّهُ قِيل لَمَّا قُطِعَ السَّارِقُ كَأَنَّمَا أَسِفَ وَجْهُهُ رَمَادًا، وَلَمْ يَرِدِ الأَْمْرُ بِالإِْقْرَارِ وَلاَ الْحَثُّ عَلَيْهِ فِي كِتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ، وَلاَ يَصِحُّ لَهُ قِيَاسٌ. إِنَّمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِالسَّتْرِ وَالاِسْتِتَارِ وَالتَّعْرِيضِ لِلْمُقِرِّ بِالرُّجُوعِ عَنِ الإِْقْرَارِ، وَقَال لِهُزَالٍ وَكَانَ هُوَ الَّذِي أَمَرَ مَاعِزًا بِالإِْقْرَارِ يَا هُزَال لَوْ سَتَرْته بِثَوْبِك كَانَ خَيْرًا لَك (٢) .

وَقَال أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: تَوْبَةُ هَذَا إِقْرَارُهُ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِمَا ذَكَرْنَا؛ وَلأَِنَّ التَّوْبَةَ تُوجَدُ حَقِيقَتُهَا بِدُونِ الإِْقْرَارِ وَهِيَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا، كَمَا وَرَدَ فِي الأَْخْبَارِ مَعَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآْيَاتُ فِي مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ بِالاِسْتِغْفَارِ وَتَرْكِ الإِْصْرَارِ. وَأَمَّا الْبِدْعَةُ فَالتَّوْبَةُ مِنْهَا بِالاِعْتِرَافِ بِهَا، وَالرُّجُوعِ عَنْهَا، وَاعْتِقَادِ ضِدِّ مَا كَانَ يَعْتَقِدُ مِنْهَا (٣) .


(١) حديث: " عرض النبي صلى الله عليه وسلم الرجوع على المقر بالسرقة. . . " أخرجه أبو داود (٤ / ٥٤٢ ط عزت عبيد الدعاس) . أخرجه الحاكم (٤ / ٣٨١ ط دار الكتاب العربي) وقال على شرط مسلم.
(٢) حديث: " يا هزال لو سترته بثوبك كان خيرا لك ". أخرجه أبو داود (٤ / ٥٤١ ط عزت عبيد الدعاس) . والحاكم (٤ / ٣٦٢ ط دار الكتاب العربي) وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(٣) ابن عابدين (٣ / ١٤٠، ٤ / ٣٧٩، والمغني ٩ / ٢٠٠، ٢٠١، وكشاف القناع ١ / ٩٩، والفواكه الدواني ١ / ٨٩، والوجيز للغزالي ٢ / ٢٧١، والجمل ٥ / ٣٨٧، ٣٨٩.