للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِالنُّصُوصِ الَّتِي فِيهَا أَمْرٌ لِلأَْحْكَامِ بِالْعَمَل بِالشَّهَادَةِ. مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ (١) } .

وَلَقَدْ سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّهُودَ بَيِّنَةً لِوُقُوعِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِمْ وَارْتِفَاعِ الإِْشْكَال بِشَهَادَتِهِمْ فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (٢) قَال السَّرَخْسِيُّ: فِي ذَلِكَ مَعْنَيَانِ:

أَحَدُهُمَا: حَاجَةُ النَّاسِ إِلَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْمُنَازَعَاتِ وَالْخُصُومَاتِ تَكْثُرُ بَيْنَ النَّاسِ وَتَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْحُجَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِلْمِ فِي كُل خُصُومَةٍ وَالتَّكْلِيفُ بِحَسَبِ الْوُسْعِ.

وَالثَّانِي: مَعْنَى إِلْزَامِ الشُّهُودِ حَيْثُ جَعَل الشَّرْعُ شَهَادَتَهُمْ حُجَّةً لإِِيجَابِ الْقَضَاءِ مَعَ احْتِمَال الْكَذِبِ إِذَا ظَهَرَ رُجْحَانُ جَانِبِ الصِّدْقِ.

وَالْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ؛ لأَِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ


(١) سورة البقرة / ٢٨٢.
(٢) حديث: " البينة على المدعي واليمين على من أنكر ". أخرجه الدارقطني في سننه (٣ / ١١٠ - ط دار المحاسن) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. وضعفه بن حجر في التلخيص (٢ / ٢٠٨ - ط شركة الطباعة الفنية) . ولكن روى البخاري (الفتح ٨ / ٢١٣ - ط السلفية) ، ومسلم (٣ / ١٣٣٦ - ط الحلبي) من حديث ابن عباس مرفوعا: " اليمين على المدعى عليه ". / ٥٠ وأخرجه البيهقي في سننه (١٠ / ٢٥٢ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس كذلك قوله: " البينة على المدعي "، وإسناده صحيح.