للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِصْحَابِهَا وَيُسَهِّل لَهُمُ الْوُصُول إِلَيْهَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَالتَّجَاحُدِ يَقُول الْجَصَّاصُ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ (١) . . .} . فِي الآْيَةِ الأَْمْرُ بِالإِْشْهَادِ إِذَا صَحَّتِ الْمُدَايَنَةُ.

وقَوْله تَعَالَى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْل} : فِيهِ أَمْرٌ لِمَنْ تَوَلَّى كِتَابَةَ الْوَثَائِقِ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَكْتُبَهَا بِالْعَدْل بَيْنَهُمْ.

وقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} قَال الْجَصَّاصُ: يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَا بَيَّنَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُدَايَنَاتِ الثَّابِتَةِ الْجَائِزَةِ لِكَيْ يَحْصُل لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَدَايِنَيْنِ مَا قَصَدَ مِنْ تَصْحِيحِ عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ.

أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الْبَاطِلَةُ فَالأَْصْل فِيهَا أَنَّ الإِْقْدَامَ عَلَيْهَا حَرَامٌ، وَيَأْثَمُ فَاعِلُهَا لاِرْتِكَابِهِ الْمَعْصِيَةَ بِمُخَالَفَتِهِ الْمَشْرُوعَ، وَبِالتَّالِي يَكُونُ تَوْثِيقُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ حَرَامًا؛ إِذْ وَسِيلَةُ الشَّيْءِ تَأْخُذُ حُكْمَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ لاَ فَائِدَةَ مِنْ تَوْثِيقِ التَّصَرُّفَاتِ الْبَاطِلَةِ لأَِنَّهَا مَفْسُوخَةٌ شَرْعًا، وَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا آثَارُهَا كَمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الصَّحِيحَةِ (٢) .

كَذَلِكَ أَبَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى -


(١) سورة البقرة / ٢٨٢.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ١ / ٥٧٤ - ٥٧٥، والمنثور في القواعد ١ / ٣٥٢ - ٣٥٤، وبدائع الصنائع ٥ / ٣٠٥، والدسوقي ٣ / ٧١، ومنتهى الإرادات ٢ / ١٩٠.