للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَامٌّ، فَإِنَّ اللَّهَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّل لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآْخِرَةِ مِثْلَهَا، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَال: اللَّهُ أَكْثَرُ (١) .

وَهَذَا التَّوَسُّل بِالأَْنْبِيَاءِ بِمَعْنَى السُّؤَال بِهِمْ - وَهُوَ الَّذِي قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ - لَيْسَ فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ، فَمَنْ نَقَل عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ جَوَّزَ التَّوَسُّل بِهِ بِمَعْنَى الإِْقْسَامِ أَوِ السُّؤَال بِهِ فَلَيْسَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ نَقْلٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.

ثُمَّ يَقُول: وَلَمْ يَقُل أَحَدٌ مِنَ أَهْل الْعِلْمِ: إِنَّهُ يَسْأَل اللَّهَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ لاَ بِنَبِيٍّ وَلاَ بِغَيْرِ نَبِيٍّ. وَكَذَلِكَ مَنْ نَقَل عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَوَّزَ سُؤَال الرَّسُول أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَوْ نَقَل ذَلِكَ عَنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ - غَيْرِ مَالِكٍ - كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ (٢) .

ثُمَّ يُقَرِّرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ خِلاَفِيَّةٌ وَأَنَّ التَّكْفِيرَ فِيهَا حَرَامٌ وَإِثْمٌ.


(١) حديث: " ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم. . . . " أخرجه أحمد (٣ / ١٨ ط الميمنية) والحاكم (١ / ٤٩٣ - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(٢) قاعدة جليلة ص٦٤ - ٦٦.