للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحْدَهَا لاَ تَجْلُبُ نَفْعًا، وَلاَ تَدْفَعُ ضَرًّا، بَل السَّبَبُ (الْعِلاَجُ) وَالْمُسَبَّبُ (الشِّفَاءُ) فِعْل اللَّهِ تَعَالَى، وَالْكُل مِنْهُ وَبِمَشِيئَتِهِ، وَقَال سَهْلٌ: مَنْ قَال: التَّوَكُّل يَكُونُ بِتَرْكِ الْعَمَل، فَقَدْ طَعَنَ فِي سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (١)

وَقَال الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ} (٢) دَلَّتِ الآْيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ التَّوَكُّل أَنْ يُهْمِل الإِْنْسَانُ نَفْسَهُ كَمَا يَقُول بَعْضُ الْجُهَّال وَإِلاَّ كَانَ الأَْمْرُ بِالْمُشَاوَرَةِ مُنَافِيًا لِلأَْمْرِ بِالتَّوَكُّل. بَل التَّوَكُّل عَلَى اللَّهِ: أَنْ يُرَاعِيَ الإِْنْسَانُ الأَْسْبَابَ الظَّاهِرَةَ وَلَكِنْ لاَ يُعَوِّل بِقَلْبِهِ عَلَيْهَا، بَل يُعَوِّل عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. (٣)

وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ التَّوَكُّل الصَّحِيحَ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الأَْخْذِ بِالأَْسْبَابِ. وَبِدُونِهِ تَكُونُ دَعْوَى التَّوَكُّل جَهْلاً بِالشَّرْعِ وَفَسَادًا فِي الْعَقْل.

وَقِيل لأَِحْمَد: مَا تَقُول فِيمَنْ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَمَسْجِدِهِ وَقَال لاَ أَعْمَل شَيْئًا حَتَّى يَأْتِيَ رِزْقِي. فَقَال أَحْمَدُ: هَذَا رَجُلٌ جَهِل الْعِلْمَ، أَمَا سَمِعَ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جُعِل رِزْقِي تَحْتَ ظِل رُمْحِي (٤) .


(١) تفسير القرطبي ٤ / ١٨٩ في تفسير آية ١٢٢ من آل عمران.
(٢) سورة آل عمران / ١٥٩.
(٣) تفسير الرازي ٩ / ٦٨ الآية ١٥٩ من آل عمران.
(٤) حديث: " وجعل رزقي تحت ظل رمحي " وهو جزء من حديث أوله " بعثت بين يدي الساعة بالسيف. . . " أخرجه أحمد (٧ / ١٤٢ / ٥١١٤ ط دار المعارف وصححه أحمد شاكر) .