للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ تُخَفَّفُ مَشَاقُّهُ مَعَ شَرَفِهِ وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ لِتَكَرُّرِ مَشَاقِّهِ كَيْ لاَ يُؤَدِّيَ إِلَى الْمَشَاقِّ الْعَامَّةِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ (١) .

وَمِنْ هُنَا جَاءَتِ الْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ الْمَشْهُورَةُ (الْمَشَقَّةُ تَجْلُبُ التَّيْسِيرَ) وَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ، يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْمُجْتَهِدُ وَالْمُفْتِي كَثِيرًا.

وَقَدْ قَال السُّيُوطِيّ: يَرْجِعُ إِلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ غَالِبُ أَبْوَابِ الْفِقْهِ (٢) .

وَمِثْلُهَا قَاعِدَةُ (إِنَّ الأَْمْرَ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ) وَالْمُرَادُ بِالاِتِّسَاعِ التَّرَخُّصُ عَنِ اتِّبَاعِ الأَْقْيِسَةِ وَطَرْدِ الْقَوَاعِدِ فِي آحَادِ الصُّوَرِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الضِّيقِ وَهُوَ الْحَرَجُ وَالْمَشَقَّةُ (٣) .

غَيْرَ أَنَّ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ مُقَيَّدَتَانِ بِقَاعِدَةٍ أُخْرَى هِيَ أَنَّ (الْمَيْسُورَ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ) وَدَلِيلُهَا قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. (٤) قَال الْجُوَيْنِيُّ: " هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مِنَ الأُْصُول الشَّائِعَةِ الَّتِي لاَ تَكَادُ تُنْسَى مَا أُقِيمَتْ أُصُول الشَّرِيعَةِ ". وَوَجْهُهَا أَنَّ الْعُسْرَ


(١) قواعد الأحكام ٢ / ٨ - ١٤.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي ص٨٠.
(٣) الحموي على الأشباه ١ / ١١٧.
(٤) حديث: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " أخرجه البخاري (فتح الباري ١٣ / ٢٥١ - ط السلفية) . ومسلم (٤ / ١٨٣٠ - ط عيسى الحلبي) .