للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَازَ لَهَا ذَلِكَ اتِّفَاقًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، إِلاَّ إِذَا خَشِيَتِ الْفِتْنَةَ أَوْ ظَنَّتْ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَاجِبًا.

وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا الاِسْتِثْنَاءِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (١) .

وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ قَالَتْ: كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ، وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَالْحَاكِمُ (٢) . وَمُرَادُهَا مِنْ هَذَا سَتْرُ الْوَجْهِ بِغَيْرِ النِّقَابِ عَلَى مَعْنَى التَّسَتُّرِ (٣) .

وَقَدِ اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - أَلاَّ يُلاَمِسَ السَّاتِرُ الْوَجْهَ، كَأَنْ تَضَعَ عَلَى رَأْسِهَا تَحْتَ السَّاتِرِ خَشَبَةً أَوْ شَيْئًا يُبْعِدُ السَّاتِرَ عَنْ مُلاَمَسَةِ وَجْهِهَا " لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الاِسْتِظْلاَل بِالْمَحْمَل " كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَأَجَازَ لَهَا الْمَالِكِيَّةُ أَنْ تَسْتُرَ وَجْهَهَا إِذَا قَصَدَتِ السَّتْرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، بِثَوْبٍ تَسْدُلُهُ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا


(١) باب في المحرمة تغطي وجهها ٢ / ١٦٧. في سنده يزيد بن أبي زياد الكوفي، تكلم في حفظه وهو صدوق يهم، وتغير حفظه بأخرة فصار يتلقن. روى له البخاري تعليقا، ومسلم مقرونا، والأربعة انظر التهذيب ١ / ٣٢٩ - ٣٣١ ط الهند، والمغني في الضعفاء رقم ٧١٠١ (تحقيق نور الدين العتر ط حلب مطبعة البلاغة) . لكنه يتقوى بما يليه.
(٢) الموطأ (تخمير المحرم وجهه) ١ / ٢٤٠ - ٢٤١ بسند صحيح، وصححه الحاكم في المستدرك على شرطهما ١ / ٤٥٤ ووافقه الذهبي.
(٣) المنتقى للباجي ٢ / ٢٠٠ مطبعة السعادة ١٣٣١ هـ